المؤتمر السنوي الثامن لإحياء الروح الإسلامية في كندا

المؤتمر السنوي الثامن

لإحياء الروح الإسلامية في كندا

محمد زهير الخطيب/ كندا

[email protected]

عقد في مدينة تورنتو كبرى المدن الكندية، المؤتمر الاسلامي السنوي الثامن لاحياء الروح الاسلامية وذلك من يوم الجمعة 25 ديسمبر الى الاحد 27 ديسمبر 2009م.

وكالعادة كان اختيار مكان المؤتمر موفقا وهو مجمع المؤتمرات الرئيسي وسط مدينة تورنتو، وفي صالة كبيرة تتسع لاكثر من خمسة عشر ألف من الحضور كانت مليئة في أغلب فترات المحاضرات طول أيام المؤتمر الثلاثة.

قام ضيف المؤتمر الرئيسي الدكتور طارق سويدان بأداء صلاة الجمعة فس مسجد  IMO في وسط المدينة فكانت لفنتة جميلة منه بأن يزور جمهورا خارج إطار المؤتمر، ولم أر هذا المسجد على رحابته مزدحما مثل ذلك اليوم، وقال الخطيب لجمهوره متلاطفا معهم سأطيل الخطبة عليكم اليوم فهو يوم عطلة رسمية في كندا.

وكانت خطبته عن أساليب الدعوة والمناظرة مع غير المسلمين، وقدم تجربته الطويلة في هذا الميدان منذ كان طالبا في ولاية (اوكلاهوما) منذ ربع قرن من الزمان، وركز على أن أهم نقطة خلاف في الحوار مع النصارى هي طبيعة المسيح عليه السلام هل هو بشر أم لا، وذكر عدة مواقف من مناظراته مع القساوسة.

في يوم السبت كان هناك قرابة خمسة عشر ألف شخص يتجولون بين قاعة المحاضرات وسوق المؤتمر والمصلى، وكنت تستطيع ان تقابل في كل لحظة وجه صديق لم تره منذ اشهر او سنوات حيث تقاطر الحضور على المؤتمر من كل حدب وصوب حتى من مونتريال وفانكوفر، بل ومن ديترويت وشيكاغو وبافلو...

تنوعت المحاضرات التربوية والاخلاقية والاجتماعية والسياسية بتنوع واسع شمل أطيافا وآراءً كثيرة وقدمها ثلة من أشهر المحاضرين على مستوى العالم منهم:

الدكتور طارق سويدان والاستاذ طارق رمضان والامام زيد شاكر والداعية يوسف إسلام والدكتور جمال بدوي، والامام حمزة يوسف، والاستاذ عبد الله إدريس، والمنشد الكبير أبو راتب... وقد توج الحفل حضور الشيخ العلامة عبد الله بن بيّه الذي تكبد مشاق السفر على كبر سنه وبعد المسافات فكان حضوره مقدرا واحترامه كبيرا، وقد قدم ما لايستطيع غيره من المحاضرين تقديمه، قدم الكلمة الطيبة والفتوى الصالحة واللفتة الخبيرة التي أنضجتها العلوم وشذبتها السنون.

 وكان في المؤتمر سوق منوع ضم الكتب واللوحات والبرامج والالبسة والعطور والاطعمة التي تناسب المؤتمر، كما شارك في السوق عدد من الجمعيات الخيرية والمراكز الاسلامية للتعريف بنشاطاتها وخدماتها التي تقدمها للجالية المسلمة في كندا مثل المنظمة الخيرية عرفان...

 

من المحاضرات المهمة محاضرة الدكتور طارق سويدان عن المحنة التاريخية لمسألة خلق القرآن التي أثارها المعتزلة في خلافة الخليفة المأمون، واستعرض فيها المناظرة الرائعة بين عبد العزيز الكناني وبشر المريسي وبيّن كيف أن عدم الالمام باللغة العربية وفهم القرآن يمكن أن يقود إلى الانحراف، كما نوه بخطورة أن يتدخل الحاكم في الخلافات الفكرية بين العلماء فيتبنى بعضها ويلزم الناس بها ويضطهد المخالفين لها كما فعلوا بالامام أحمد بن حنبل من سجن وتعذيب لاصراره على التمسك بما يراه حقاً. وذكر أن للمناظرات شروطا لكي تنجح وتصل إلى نتيجة، فيجب الاتفاق على حَكم، ومرجع ومنهج... وقد كان الحكم في هذه المناظرة هو الخليفة المأمون والمرجع هو القرآن الكريم والمنهج هو تحديد كيفية الحوار من سؤال وجواب...

أما طارق رمضان السويسري من أصل مصري وحفيد الاستاذ حسن البنا فقد تكلم عن مستقبل المسلمين في الغرب، ودعا المسلمين إلى أن يتوقفوا عن نهج (عقلية الضحية) التي تكثر من الشكوى وتلقي باللوم على الآخرين في كل شيء، وأن يتخلصوا من الشعور بانهم أقلية تعيش مؤقتا في الغرب فتهمل التأسيس والبناء، وأن يطرحوا السذاجة جانبا وأن يفرقوا بين الناس والحكومات، وبين الاعلام المهني الحيادي وبين الاعلام المغرض المسيء، وعليهم أن يعرفوا مع من يتحدثون، وعليهم أن يتعلموا من الاسلام التواضع فلا يتكبروا على الآخرين وأن يطمحوا مع الاستعداد للسماع من الآخرين والاستعداد للتغير نحو الاحسن.
أما المحاضر المفضل عند الشباب حمزة يوسف، فقد قام بدراسة تحليلية للعالم الاسلامي،  ودعا المسلمين في الغرب إلى أن يكونوا جالية تتحلى بالروحانية والانتاجية والفعالة السياسية حتى تكون متصلة بالحياة والاحداث، 
وأن هناك ثلاثة أشياء يختلف فيها الناس في ديننا، في فهمهم لأيات القرآن الكريم، وفي فهمهم للحكمة ولمقاصد الوحي، وفي تطبيق الاحكام وتنزيل الفقه على الواقع.
ومن هنا كان لابد من الخلاف وكان لابد من تقبل الخلافات الفقهية الاجتهادية مادمت لاتمس العقيدة وأصول الدين.
 
وتحدث الامام زيد شاكر عن المبالغة في الظلم والقتل الذي تقوم به الدول المعتدية في سحق مخالفيها. وبين أن سباق التسلح غدا يكفي لتدمير أضعاف حجم الكرة الارضية، وقال أننا لا نريد أمناً على حساب أمن الآخرين مثل ضرب أفغانستان لتوفير الامن للغرب، إننا نريد أن يكون هناك منهج قانوني وأخلاقي واحد يتعامل به الناس كل الناس ونرفض الكيل بمكيالين، علينا أن نحمي الدين والحياة والاسرة والاموال والاعراض.

واستمع الجمهور إلى المنشد المبدع أبوراتب في مجموعة من أناشيده الاسلامية الجميلة، وانفض المؤتمر باطيب الذكريات وأجمل الصور يحملها وجدان خمسة عشر آلاف مشارك سعدوا بهذا اللقاء وتعلموا الكثير من خير الاساتذه والعلماء، وإلى اللقاء في العام القادم في أحضان مدينة تورنتو وعند أعتاب برجها الشامخ (سي إن تاور).