عام 2010 نقطة من أول السطر
محمود المنير
مدير تحرير جريدة الحركة/الكويت
في وداع كل عام و مع بداية الجديد الكثير منا يطوى صفحة العام الراحل و يجدد العهد ويرسم الآمال وينسج الأحلام في استقبال العام الجديد ، والعام الذي مضى بالعديد من الكوارث والفواجع والآلام ، كالأزمة المالية التي عصفت بمفاصل الاقتصاد العالمي ، والعدوان الصهيوني الآثم على غزة ، واستمرار الحصار الجائر عليها من الجار قبل العدو ، وبناء النظام المصري للجدار الفولاذي على الحدود معها ، وتخاذل الأنظمة العربية وتشرذمها ، وتزايد حصيلة صناعة الموت والإرهاب إلى مئات من القتلى من الأبرياء بسبب التفجيرات في بلدان العالم الاسلامى ، كل هذه الأحداث وغيرها العشرات من انتشار الأوبئة والأمراض التي لم تكن في أسلافنا ، وموت العديد من المفكرين والعلماء ، وتعاظم الفساد في الدول العربية ،وتزايد وتيرة المظاهرات والاحتجاجات بسبب الجوع والبطالة والفقر والإهمال وضياع الحقوق واستبداد الأنظمة في العديد من بلدان العالم ، وتردى وسوء حالة المناخ بسبب زيادة نسب التلوث والنفايات في العالم، واستقواء الغرب علينا والحرب الدائرة والمستمرة على الإسلام في أوربا من هدم المآذن .. إلى تجدد الرسوم المسيئة للرسول – صلى الله عليه وسلم- من قبل شذاذ الآفاق ، وصولا إلى الحملات المفتعلة والمتزامنة ضد الحجاب في أكثر من بلد على رأسها مصر المحروسة !!
يكاد يكون هذا هو حصاد عام 2009 الذي رحل ونكأ العديد من الجراح وخلف صورة لن تمحى من الذاكرة ، ولكن رغم كل ذلك فلابد أن نستقبل عامنا الجديد بنقطة جديدة من أول السطر..نرسم معا صورة للغد الذي نحلم أن نراه واقعا ولن يتحقق ذلك إلا إذا قرأنا واقعنا جيدا وتعلمنا من دروس التاريخ فكثيرا ما يعيد التاريخ نفسه ..نعم وما نعيشه الآن يذكرنا جيدا لمن اطلع وقرأ التاريخ بما كان عليه الأمر أيام صلاح الدين ..!!
فقبل عهده كانت الأمة العربية الإسلامية مشرذمة إلى دويلات يتناحر بعضها بعضا لأتفه الأسباب وكانت الصليبية الرابضة في بيت المقدس ..تؤجج الفتنة فيما بينهم وتساعد هذا وتضرب ذاك ، ونتيجة لذلك يضعفون فتستولي على دويلاتهم المشرذمة وسرعان ما تسيطر عليهم فيدفعون لها الجزية ويؤدون لها فرائض الولاء والطاعة .
وشاع وانتشر الفكر الباطني بل واستشرى ، فأصبحت له قلاع وحصون ، يدهم في الخفاء مع الصليبين ضد الإسلام وأهله ..يغتالون القيادات ويزرعون الفتن وينشرون الفكر الضال المنحرف .
وامتلأت قلوب المسلمين باليأس ، وتعاظم ذلك في نفوسهم فنظروا لها نظرة استصغار فهربوا من واقعهم الذي يوجب عليهم تحرير بلادهم ومقدساتهم إلى التصوف والتيه والاختلاف على الفروع وتزكية الطائفية والمذهبية على حساب الوحدة والارتباط .
هذه هي أيام ما قبل صلاح الدين ..فهل يختلف واقعنا اليوم عنها ..؟.!
الماضي يكاد يطابق الواقع .. التشرذم والفرقة والاختلاف هي كما كانت ، كل دويلة ضد الأخرى ولا أحد يستطيع أن يجمعها على أمر واحد إلا قائد غربي صليبي يشير لها فتنصاع !!
والصليبية عادت مجددا تزحف علينا من أمريكا وأوروبا بجيوشها وأسلحتها وعنفوانها تستعمر وتحتل وتدمر وتنهب الثروات وتناوش الجميع بل وتتهم الإسلام ذاته بالإرهاب!!.
والفكر الباطني استشرى من جديد وإن تزى بأسماء مغايرة وامتلاك من القوة أسبابها وبدأ ينخر في جسد الأمة وعقيدتها.
هذا هو الواقع المرير ولكي نخرج منه لابد أن نحدد ما ينبغي علينه فعله وماذا نريد ؟
نريد ألا يبقى في الأمة ضعيف ولا خوار ولا جبان وأن نتخلص من الغش والكذب والاستهتار فلا يبقى في الأمة اختلاس ولا رشوة ولا فساد ، ونأمل ألا يبقى في أوطاننا مستعمر يمسك بخناقنا باسم التحالف والتطبيع بعد أن فشل في ذلك باسم الاستعمار ، نريد أن نسير! ورؤوسنا مرفوعة ، وكرامتنا مصانة ، ومقدستنا محفوظة ، وقلوبنا مؤمنة ، ورسالة الإسلام تشق طريقها إلى القلوب لننقذ الدنيا به من جديد .. أيها العالم إننا نريد أن نسير فأفسحوا لنا الطريق ...