حقيقة العدوان الأمريكي على سورية
وحين يصطف (بشار الأسد) و(الائتلاف الوطني)
جنودا تحت الراية الأمريكية
أين هم السوريون السوريون...؟!
زهير سالم*
يصف الكثيرون من المنظّرين الفراغيين الحرب الأمريكية على سورية والعراق بالعمياء والفاقدة للاستراتجية والأهداف . والحقيقة الحقيقة أن الأمر على غير ما يقدر هؤلاء المقدرون أو يخمن هؤلاء المخمنون .
الاستراتيجيون الأمريكيون الأخفياء الذين لا يظهرون على الإعلام ، لا يعترفون أبدا أن الولايات فشلت أو لم تنجح في حربها على العراق ، وإسقاط دولته ، والتزوير في ديمغرافيته وجغرافيته ومد النفوذ الإيراني إليه ، بل هم يعتقدون أن كل هذا القتل والدمار والفوضى كان مخططا له ومقصودا لذاته ..
اليوم وبعد لامبالاة طويلة من سيدة ( الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ) في العالم بجرائم بشار الأسد التي كانت الأولى في حجمها وعنفها في القرن الحادي والعشرين ، تجد الولايات المتحدة أن عجز بشار الأسد خلال كل الزمن الممنوح له ، ورغم إطلاق يده باستعمال كل أنواع الأسلحة تقريبا ، بمافيها الغاز الكيماوي ، كما وثقت أخيرا منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ، وأقر به جون كيري وزير خارجية أوباما نفسه ؛ نقول تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة للقيام بتدخل هادف لمساعدة بشار الأسد على تحقيق أهدافها، وإدخال خلل على معادلة القوة على الأرض السورية ، هذه المعادلة التي كان للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين وإيران وبشار الأسد اليد الطولى في تركيبها ..
فمن أضعف المعارضة السورية المعتدلة ؟ ومن ضيق الأنفاس على أصحاب المشروع الإسلامي الحقيقي ؟ ومن سمح بوصول المدد البشري والتعبوي ووفر المناخ الآمن لقوى التطرف حتى باضت وفرّخت ونما ريشها فانتفشت ؟!
وحين تجعل الولايات المتحدة اليوم من ذبح بعض الأشخاص الأمريكيين والأوربيين – على نكارته - ذريعة لشن هذه الحرب الكونية ، وهذا العدوان الصارخ ،على الأرض والإنسان في سورية ؛ فإن أحدا لا يمكن أن يقتنع أن ما يطلق عليه التنظيمات ( الإرهابية ) التي نمت على عين العالم أجمع هو الهدف ..
إن الهدف الأمريكي الاستراتيجي من المعركة اليوم هو أولا الالتفاف على الثورة السورية ، وإن بدت هذه الثورة بعيدة عن التعاطي الأمريكي . الالتفاف على الثورة بإيجاد مدخل للعبث ، والخطأ ( المقصود ) والاتهام المفتوح ، بحيث تعبّد الولايات المتحدة الطريق أمام الحل الذي عجز بشار الأسد عن تعبيده ..
إن خمسة آلاف مقاتل تتحدث عنهم الولايات المتحدة لن يكون لهم أي شأن – إن تم الوفاء بهم – في معركة تعد اصطفافاتها بعشرات الألوف من المقاتلين .
والهدف الأعمق في الاستراتيجية الأمريكية المبصرة وليست العمياء والخبيثة وليست الغبية هي تمكين إيران من بسط جناحها على كامل المشرق العربي في الصفقة الأمريكية – الإيرانية التي لم تعد تخفى إلا على الصم البكم العمي .
لا يمكن أن نقرأ الحرب الأمريكية المستعجلة على سورية بعيدا عما جرى في العراق ، خداع بتغيير شخص وإقرار نظام . كما لايمكن أن نقرأ الاستراتيجية الأمريكية في عدوانها على سورية بعيدا عن النصر الإيراني في اليمن ، وسط صمت مبهم من دول الجوار التي تهرول اليوم لنصرة المشروع الإيراني وليس الأمريكي فقط في سورية .
والعجيب أن الحرب التي يصفها البعض بالغبية والعمياء – على خلفية أن الولايات المتحدة وإيران نقيضان – يجتمع تحت رايتها الأمريكي والأوربي والعربي والإيراني ويسكت عنها الروسي والصيني والأكثر إثارة للاستنكار والاشمئزاز أن يصطف تحت رايتها بشار الأسد وما يسمى الائتلاف الوطني ؟؟؟؟؟
المؤامرة جلية واضحة بعيدة المدى خطيرة التداعيات ، وإذا كان بشار الأسد ومقاوموه الصوريون لم يكن يهمهم يوما من أمر سورية شيء ؛ فإن النداء سيظل يتوجه إلى السوريين السوريين ..
أيها السوريون السوريون هذه ثورتكم خانها هؤلاء وهذا وطنكم باعه لإيران أولئك فماذا أنتم فاعلون ..؟!
أيها السوريون السوريون لنعلن معا :
نرفض التطرف والمتطرفين ، ونرفض الاستبداد والمستبدين ، ونرفض المتهافتين المتساقطين ..ونرفض العدوان والمعتدين ...
نسعى إلى الوطن الواحد والمجتمع الموحد والدولة المدنية المستقرة ، تضمنا ظلالها جميعا عدلا وحرية ومساواة ..
وطريقنا ثورة حقيقية أبية . والثورة الحقيقية هي التي تجمعنا ولا تفرقنا فهل تستجيبون ..؟!
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية