لكم تحياتي
عبد الواحد محمد
تعجبنا كثيرا وتساءلنا دوما عن قصيدتنا فلم نهتد إليها في يوم ربيعي رغم كل الأحلام التي فتحنا لها نوافذ عقولنا لكي تعي حتمية البقاء دون علل تلزمنا البيت قهرا أو هربا من كل الأشباح التي جاءت بأرادة منا لأننا لم نعرف غيرأمواج نركبها وقبور نسكنها ؟
ومانراه اليوم هو موج نهيم به ونبني له قصورا وتماثيل مرمرية في قصيدتنا التي لم تشد بها بعض العقول المؤمنة بالحلم الذي طال ولن يأتي ففضلت السفر إلي بلدان العجب ؟
ويقينا ببوح نحاول فيه الخروج من همومنا التي مررت حلوقنا ومزقت قلوبنا ونحن نشاهد أوطاننا تنزف بلا طبيب ماهر يداوي أطفالنا ونساءنا وشيوخنا وكل قطرات الدماء الزكية التي دفعت ثمن قصائدنا الهاربة في زمهرير شتائي قارص لدرجة الجمود العضوي في منازلنا المترفة بالنعيم والكهرباء وهم من هذا غرباء ؟
ضحايا كل القصائد التي تغني بها نزار قباني يوما في حب بلقيس وقهر العسكر وتمرد امرأة النهدين التي سكنت في اقصي جبال العشق ! تترنم بالمجهول ومعها رجل أخرس لايعرف كيف يغازلها او يحرك لها ساكنا لكي تنجب لنا الولد فتمنت العودة لكي تحلم معنا لكنها رحلت في قبو ل يعرفه غير هذا الأخرس ؟!
وأتذكر ماقاله شاعرنا الكبيرمحمود درويش في جدارية
هذا هواسمك
قالت امرأة
وغابت في الممر اللولبي
أري السماء هناك في متناول الأيدي
ويحملني جناح حمامة بيضاء صوب
طفولة أخري ..ولم أحلم بأني
كنت أحلم كل شئ واقعي .كنت
أعلم أنني ألقي بنفسي جانبا
وأطير .سوف أكون ما سأصير في
الفلك الأخير
وكل شئبيض
البحر المعلق فوق سقف غمامة
بيضاء واللاشئ أبيض في
سماء المطلق البيضاء..كنت ..ولم
أكن .فأنا وحيد في نواحي هذه
الأبدية البيضاء ..جئت قبيل ميعادي
فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي
( ماذا فعلت هناك في الدنيا )
ولم أسمع هتاف الطيبين ولا
أنين الخاطئين أنا وحيد في البياض
أنا وحيد
لا شئ يوجعني علي باب القيامة
لا الزمان ولا العواطف ..لا
أحس بخفة الأشياء أو ثقل
الهواجس ..لم أجد أحدا لأسأل
أين ( أيني ) الآن ؟ أين مدينة
الموتي وأين أنا ؟..في اللازمان
ولا وجود
وكأنني قد مت قبل الآن
ونحن نمضي معا لكم تحياتي في هذا الفضاء الا علامي الذي نقل لنا الحدث ولم ينقل لنا كيف يكون الحوار الذي يعيد لنا بهجتنا سلامنا الذي فقدناه لم يعد غير كلمة نكتبها لمن ؟
تاهت المدينة ولم تكن مدينتنا ومعها كل الفضائيات التي تبارت ليلا وفجرا تبلغنا بكل الأحصائيات المريرة بأننا علي موعد مع الموت ؟!
لكم تحياتي في هذا العالم الذي لم تزعجه صرخة طفل وجسد عجوز تحترق تحت لهيب كل النيران لم يعد البرد الزمهريري مؤلما والجوع مذلة بل تجاوزت القصيدة الرحلة في كلمات درويشية حزينة جدا لما تبثه كل الفضائيات عن خروج الرجال من نخوتهم
سأصير يوما ما أريد
سأصير يوما كرمة
فليعتصرني الصيف منذ الآن
وليشرب المكان السكري !
أنا الرسول والرسول
أنا العتاوين الصغيرة والبريد
سأصير يوما مأريد
هذا هوا سمك
قالت امرأة
وغابت في ممر بياضها
هذا هو اسمك فاحفظ اسمك جيدا
لاتختلف معه علي حرف
ولاتعبأبرايات القبائل
كن صيقا لاسمك الأفقي
جربه مع الأحياء والموتي
وكأنني لم أكن يوما طائرا في ظل هذا الكابوس المفزع الذي لم يرحم دموع جدي الذي قارب التسعين من عمره وهو يبتهل بالدعاء أن يرحل من عالمنا الذي كان يوما قصيدة كل الغرباء ؟!
لكم تحياتي قبل غلق تلفازي الذي تعودت معه أن الاحلام ربما تعود في اليوم التالي وربما في الصيف القادم هكذا كان يبتسم مذيع الواحدة فجرا فالوداع ابتسامة زائفة لكنها صنيعة عصر عولمي فيه كل الكوارث والحروب ضرورية والهروب لسفح الجبل شجاعة والصمت رؤية وحكمة مهما تفلسفنا وتوجعنا ومزقنا كل القصائد الهاربة
لكم تحياتي مات جدي بعد أن أغلقت تلفازي بساعة وهو يبتهل بشئ لم افهم معناه لأنني بالضروة لم أعد أفهم ؟!