الفقه الحركي المعاصر (7)

د. خالد أحمد الشنتوت

الفقه الحركي المعاصر (7)

د. خالد أحمد الشنتوت *

[email protected]

هذا هو الموضوع السابع من كتاب أخينا الدكتور موسى الإبراهيم، أحببت أن تشاركوني في قراءته، لما أراه فيه من الأهمية لعصرنا وظرفنا الراهن، وأذكر بأن الفقه الحركي كما فهمته هو الاجتهاد وإيجاد حلول لمشكلات طارئة لم ترد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم ترتد أي قبيلة عربية، ولم يتخذ حل لتلك المشكلة لأنها لم تكن يومئذ، ثم كانت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتهد الصديق رضي الله عنه وقاتل المرتدين حتى عادوا إلى الإسلام والخضوع للدولة المسلمة، وسوف ألخص لكم الموضوع مما كتبه الشيخ تحت عنوان :

الفقه الحركي في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

يقول الشيخ موسى  ص 157: (( ... كان الجهاد دأب المسلمين والأصل في حياتهم، وقد أعطى الله للمجاهدين حقهم من الغنائم ...ومضت السنة بذلك وسارعليها الخلفاء أيام الفتح الإسلامي ...حتى إذا فتحت أرض العراق والشام على سعتها وامتدادها،وهنا تبدى لعمررأي جديد في القضية خلاصته : أن هذه الفتوحات قد لايكون لها نظير فيما بعد، وأن تلك الأراضي الواسعة الخصبة إن هي قسمت بين الفاتحين فماذا سيبقى للأجيال القادمة !؟ وكيف سينفق أمير المؤمنين على الجند؟ ...ودار في نفس عمرأن يتركها في أيدي أهلها ويضرب عليهم خراجاً يؤخذ منهم ويوضع في بيت المال ليكون للمسلمين على مر الأيام ينفق منه على الأجيال المتلاحقة وتحمى به الثغور وتحفظ به الديار .

ولم يكن مع عمررضي الله عنه نص من كتاب أوسنة يستند إليه في ذلك، فاستشار في الأمر فأشار معظم الناس بقسمة الأراضي بين الفاتحين، ومن هؤلاء بلال وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، ورأى آخرون رأي عمر ومنهم عثمان وعلي وطلحة وابن عمر رضي الله عنهم .

ولما اختلفت على عمر الآراء بات يبحث عن سند في كتاب الله عزوجل وسنة نبيه، ومضت أيام ثم قال عمر وجدت حجة . قال تعالى { وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير...} حتى قوله تعالى{ ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لايكون دولة بين لأغنياء منكم } ...ثم قرأ قوله تعالى { للفقراء المهاجرين .......} حتى خلط بهم الأنصار فقال تعالى { والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم .....} يقصد الأنصار، ثم قال تعالى { والذين جاؤوا من بعدهم .....} فكانت هذه عامة للمقاتلين وغيرهم ( أي الذيــن جاؤا بعد المقاتـلين الفاتحين ) فكيف أقسـمها بين المقاتـليـن وأتـرك ( الذين جاؤا من بعدهم ) ثم جمع عمر رضي الله عنه شيوخ الأنصار فاستشارهم في الأمر وشرح لهم القضية .... فقالوا جميعاً : الرأي رأيك فنعم ماقلت وما رأيت ...

تعليق الباحث الحالي :

وهكذا اجتهد عمر وترك أرض السواد ( جنوب العراق وهي أرض خصبة جدا) تركها بيد أهلها قبل الفتح وفرض عليهم خراجاً يؤخذ لبيت مال المسلمين ...

وقد استند كثير ممن يلصقون الإسلام بالاشتراكية بهذا الأمر، وقالوا هذا عمر رضي الله عنه جعل هذه الأراضي الشاسعة ( أدوات الإنتاج ) جعلها ملكاً للدولة، ولم يجعلها ملكية خاصة فيقسمها على الفاتحين { كي لايكون دولة بين الأغنياء منكم } ...

والذي يهمنا هنا الفقه الحركي عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكيف وجد حلاً لمشكلة واجهته عندما كان أميراً للمؤمنين ، يسوسهم إلى مافيه خيرهم في الدنيا والآخرة ....

               

*دكتوراه في التربية