ليتمّن هذا الأمر.. ولكنكم تستعجلون
لبنى شرف / الأردن
[email protected]أمـتـي هـل لك بين الأمم
أتـلـقـاك وطـرفي مطرق
أيـن دنياك التي أوحت إلى
كـم تـخطيت على أصدائه
وتـهـاديـت كـأني ساحب
أمـتـي كـم غـصة دامية
كيف أغضيت على الذل ولم
أو مـا كنت إذا البغي اعتدىمـنـبـر لـلسيف أو للقلم؟
خـجـلاً من أمسك المنصرم
وتـرى كـل يـتـيم النغم؟
مـلـعب العز ومغنى الشمم
مـئـزري فوق جباه الأنجم
خنقت نجوى علاك في فمي!!
ولـم تنفضي عنك غبار التهم
مـوجـة مـن لهب أو دم؟
يقولون أن الأمة بخير! وأنا أتساءل.. هل ما نحن فيه يدل على ذلك؟! الدماء التي أريقت وما زالت تراق.. والأراضي التي اغتصبت.. والمقدسات التي دنست.. والشعوب التي هجّرت.. والبويت التي فوق رؤوس ساكنيها هدمت.. والظلم الذي تفشى.. والحقوق التي ضاعت.. والأعراض التي هتكت، وكم من مسلمة تستصرخ ولكن..
رب وا معتصماه انطلقت *** ملء أفواه السبايا اليتّم
لامست أسماعهم ولكنها *** لم تلامس نخوة المعتصم
ربما يقول قائل: لماذا أنت متشائمة؟ تفاءلي وكوني إيجابية. وأنا أقول: وهل الإيجابية أن أعمي بصري عن الواقع المؤلم الذي نعيش، وألا يعتصر قلبي الألم على حال أمتي وإخواني؟ هل الإيجابية أن أعيش في الأماني والأوهام والأحلام التي ليس لها على الأرض أقدام ولا آثار.. أن أكون ساذجة عبيطة؟!
هل الإيجابية أن أنظر إلى نصف الكوب المليء لا الفارغ –كما يقولون في المثال الذي مجّته الآذان من كثرة التكرار- دون أن أعمل على ملء النصف الفارغ إن كان باستطاعتي؟
ينبغي أن نكون واقعيين، ولكن أن نعمل بكل ما أوتينا من أسباب على تغيير هذا الواقع، أن نفر من قدر الله إلى قدر الله، وهذا يقتضي الوقوف على ما تعانيه الأمة من علل وأمراض تنخر في صفوفها وفي بنية الفرد فيها، وهذه أول خطوة في العلاج: معرفة نقاط الضعف والخلل ومكمن المرض.
ذكر الإمام حسن البنا –رحمه الله- في الرسائل: ((ليس يعلم أحد إلا الله كم من الليالي كنا نقضيها نستعرض حال الأمة وما وصلت إليه في مختلف مظاهر حياتها، ونحلل ونعلل الأدواء، ونفكر بالعلاج وحسم الداء، ويفيض بنا التأثر لما وصلنا إليه إلى حد البكاء)).
أنا واثقة من أن الغلبة لهذا الدين، كما قال ربنا سبحانه، وبشر رسولنا –صلى الله عليه وسلم-: "والله ليتمن هذا الأمر... ولكنكم تستعجلون"[رواه البخاري، وصححه الألباني في صحيح الجامع:4450]، وقال: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر"[الألباني على شرط مسلم-تحذير الساجد:158]، وفي رواية أخرى: "لايبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخل الله عليه الإسلام، إما بعز عزيز أو بذل ذليل، إما يعزهم فيجعلهم الله من أهل الإسلام فيعزوا به، وإما يذلهم فيدينون له"[حسن، ابن عساكر-معجم الشيوخ:2/806].
ولولا هذه البشارات لما ظننا أن بعد هذه الظلمات من نور، ولا بعد هذا الليل من نهار.. ولكنكم تستعجلون، فالنصر والعودة إلى الأفق السامق يحتاج إلى تضحيات وصقل وتمحيص، وخطط وبرامج إعدادية مدروسة، حتى يخرج من صلب هذه الأمة من يجعل الله النصر على يديه، وكما ذكر الشيخ علي الطنطاوي –يرحمه الله-: ((إن الأمة الخاملة صف من الأصفار، لكن إن بعث الله لها مؤمناً صادق الإيمان داعياً إلى الله، صار صف الأصفار مع الواحد مائة مليون، والتاريخ مليء بالشواهد على ما أقول)).
قد يطول هذا أو قد يقصر...
لكننا رغم هذا الذل نعلنها *** فليسمع الكون وليصغي لنا البشر
إن طال ليل الأسى واحتد صارمه *** وأرق الأمة المجروحة السهر
فالفجر آتٍ وشمس العز مشرقة *** عما قريبٍ وليل الذل مندحرُ
سنستعيد حياة العز ثانيةً *** وسوف نغلب من حادوا ومن كفروا
وسوف نبني قصور المجد عاليةً *** قوامها السنة الغراء والسورُ
وسوف نفخر بالقرآن في زمنٍ *** شعوبه في الخنا والفسق تفتخرُ
وسوف نرسم للإسلام خارطةً *** حدودها العز والتمكين والظفرُ
بصحوةٍ ألبس القرآن فتيتها *** ثوب الشجاعةِ لا جبنٌ ولا خورُ
يرددون وفي ألفاظهم هممٌ *** ويهتفون وفي أقوالهم عبرُ
من كان يفخر أن الغرب قدوتهُ *** فنحن قدوتنا عثمان أو عمرُ
أو كان يفخر بالألحان ينشدها *** فنحن ألحاننا الأنفالُ والزمرُ