الطاقة العاطفية

رلى الكيلاني قاسم

رلى الكيلاني قاسم

[email protected]

هل صادفك وأن رأيت وجها مبتسما وليس جميلا؟!!

أعتقد أن الطاقة العاطفية التي ترسم البسمة العفوية على الشفاه هي أشبه بالسحر الذي يحول كل بشع جميل، كل حقد إلى تقبل، وكل كره إلى حب!!

نحن نمشي في هذه الحياة ونقابل الكثير من الأشخاص، فنعلق ذكراهم في أرشيف الذاكرة العاطفية في خزانة "الأنا" ، بعد إلصاق صفة على فايل كل شخصية نقابلها... نعم فزميلي في عملي السابق "الأناني"، وزميلة الدراسة "الوصولية"، ومديري السابق"اللئيم"... وجارتي "النمامة"...وفلان" الكذاب" .... أوليس غريبا أن كل الصفات التي استرجعتها من فايلاتي العشوائية كانت تحمل ألقاباً سلبية؟!!

لا أجد ذلك غريبا في مساحتي السرية التي يحق لي فيها أن أعبر عما أريد، ولكن المشكلة أنني عندما أغلق ذلك الفايل على صفة "الوصولية" فإنني لا أعود أرى من صاحبة الفايل إلا المعنى السلبي الذي ألصقته بها!! ولكن أين الخطورة في ذلك؟!! "فايل" أغلق وأودع في الأرشيف...

المشكلة أن أرشيف "الأنا" متجدد وديناميكي فضولي زنان!! نعم فهو لا يريحني حتى لو أمرته بإغلاق الصفحة والبحث عن فايل جديد!! وكم من ساعات أقضيها وأنا أصارع "الأنا" في نومي ويومي، لأسكتها وأمنعها من تذكيري بالمواقف السلبية التي يحملها الفايل !!

مشاعر الإنسان مثله، فهما أشبه بشبكة خيوط سحرية نقضي عمرنا ونحن نحاول أن نفك ولو بعضا من رموزها!! ولكن يحدث في رحلة الاستكشاف أن تفاجئك شبكة الخيوط هذه بحل بعض من عقدها فجأة ودون سابق إنذار... لتجد أن من كنت تكرهه أمس، تكن له الكثير من الاحترام اليوم!! ومن كنت تستلطفه قبل سنين، لا تستطيع أن تقضي ولو دقيقة واحدة معه دون أن يستفزك!! وذلك يدعوني للتفكر!!

أعتقد بأننا يجب أن نعطي الأخرين أكثر من فرصة قبل أن نلصق عليهم الصفة المؤبدة!! وهل يعني ذلك أننا نكتسب بقدرتنا الجديدة هذه حكمة حرمنا منها سابقاً!! فقدرتنا الجديدة تجعلنا نرى الجمال في كل ابتسامة، ونتقبل الحب بلا شروط أو تذكير بخبرات سابقة!!

محروم هو من لا يشعر بالحب غير المشروط، فهل تحب ابنك بشروط، وهل تحبك أمك بشروط؟!! لنتذكر عشقنا الأول لرائحة أمنا التي كانت تكفي لمداواة أي شعور بالألم والضيق!! عشقنا الأول الذي شعرنا به حتى قبل أن نصبح قادرين على فتح شقي الأعين أو تمييز الأشكال والألوان... هذا الشهر أنا صرت خالة مرتين!!  شهدت ولادة أعز الصديقات، وتوقفت عند صورة ولادة ابنة أختي الأصغر في كندا، لأقف عند تعلق مولودتنا الصغيرة برقبة أمها عبر شاشة الانترنت!! شعور جميل يشعرني بالإعجاز الرباني الذي حبانا الله به نحن النساء!! شعور يزيدني شوقا لحملها ومراقبة نظراتها ولحظات تطور إدراكها ومشاعرها!!

كل عام وكل أم وأب بألف خير!!

حولنا الكثير من الجمال!! علينا فقط أن نخلع النظارة السوداء التي تزيد من غموضنا وغموض الصور التي تمر أمامنا!!

ألقاكم بحب وسلام!