إذا أقنعناك برأينا، فعليك الالتزام به
حوار بديع:
وإلاّ ، فعليك الالتزام بقرارنا !
عبدالله القحطاني
إنه منهج طريف ، قديم قِدم القوّة والضعف في حياة البشر، راسخ رسوخ الغرور الإنساني ، واغترار القويّ بقوّته ، وبضعف مَن حولَه !
* فرعون استخفّ قومه فأطاعوه ، فقال لهم : (ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد ) ! وقال لهم: (أنا ربّكم الأعلى ) ! حين جاءه موسى نبياً ، يحمل المعجزات الباهرة ، وجد ألاّ مندوحة له ، من محاورته ، أو مناظرته ، أو مواجهته ببيّنات أو خوارق ، من نوع بيّناته وخوارقه ! فاستدعى سحَرتَه ، لمجابهة خوارق موسى ، بخوارق سحرهم ، الذي هو أداة فرعون في تحدّي موسى !
أراد التغلّب على حجج موسى الربّانية ، بحجج السحر.. وحين غلِب سحرتُه ، وخرّوا ساجدين لله ، أمام المعجزات العظيمة.. طفق فرعون يمارس عليهم صلاحياته (الدستورية !) بصفته حاكماً أعلى لهم ، بل بصفته ربّهم ، والإله الذي تجب عليهم طاعته ، ويحرم عليهم عصيانه ! أيْ : مارس عليهم المنهج ذاتَه .. مادام صواب موسى الإلهي ، غلب صوابَه السحري ! فعليهم وعلى موسى الخضوع لسلطاته ، التي هي الصواب الأعلى ، بصفته الربّ الأعلى في نظر نفسه !
* قبل فرعون وموسى ، وقف نمرود في مواجهة إبراهيم :
قال له إبراهيم : ( ربّي الذي يحيي ويميت ..) فقال نمرود : ( أنا أحيي وأميت ..) فجاء برجلين ، قتل أحدهما ، وعفا عن الآخر.. فعدّ نفسه قد أحياه !
فقال له إبراهيم : ( إنّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب ..) ! فبهِت الذي كفر.. غُلبت حجّـتُه ، التي تجعل رأيه صواباً ، فطفق يمارس صلاحياته ، التي يدين لها أصحاب الصواب .. بصفته إلهاً في نظر نفسه !
· في العصر الراهن ، تتكرر المحاورات البديعة ، كل يوم ، في الدول المحكومة بالاستبداد ، والتجمعات البشرية المحكومة بالاستبداد : شعوباً وقبائلَ وأحزاباً !
هل نحن في حاجة إلى ضرب الأمثلة !؟ لانرى ذلك .. فالأدلّة أقوى ، وأكثر من أن يحتاج معها العاقل إلى أمثلة ! ويكفي كل من يبحث عن مثَل ، أن يجيل طرفه في مشارق الأرض ومغاربها ، دون أن يستثني حاكماً مستبداً ، أو زعيم قبيلة متسلّطاً ، أو قائد حزب مغتراً بقوّة فكره ، أو قوّة فكر بعض أتباعه ، المخلصين في مجال إخضاع آراء الآخرين لرأيه .. أو مغتراً بما له من سلطة ، في مجال إخضاع صواب الآخرين لسلطته الدستورية !