مضحكات ومبكيات عز العرب

فى دنيا التعليم

أسامة محمد أمين الشيخ/مصر

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية

[email protected]

ذات مساء وفى إحدى ليالى الربيع الحالمة وفى رحلة قطارية من الأقصر الأثرية إلى قوص مرتع صباى وشبابى الأدبية وعلى مقعد خشبى جاف جلست وحولى أسرة ذات بشرة سمراء تصفحت كتاب مبدعنا الساحر الساخر الكاتب الشاعر المغوار المنقب عن الأفكار والأسرار والآثار صاحب القرار المفكر فى الليل والنهار صاحب الكركور اللى عمل دكتور واللى كفى على الخبر ماجور ، فهو غنى عن التعريف والتذكير فدخلت مع الكتاب ى مرحلة اللاشعور ، شدنى أسلوبه الساخر وقصصه وأسلوبه فى سرد الأحداث  وسلاسة الألفاظ فى الحوار بينه وبين أبطال قصصه وفى روائعه الحياتية وسيرته الذاتية وعلاقته بمن حوله من طبقات المجتمع المختلة وإغراقه فى علم الروحانيات وقراءة الكف وقراءة الأفكار فهو عضو الجمعية العالمية للعلوم الروحية وعضو نادى الأدب بقصر ثقافة الأقصر وقوص ، وله مؤلفات عدة فى مجال علوم الغيبيات ( البارسيكولجى ) وينتمى القاص الأقصرى القوصى المولد والنشأة إلى أسرة أدبية عريقة من أعمام وأخوال جاد الزمن بهم عليه حالياً ينعم بهدوء بعدما أنهى حياته التعليمية واستقر على ضفاف المعاش متفرغاً لمقالاته وعلاقاته وأمسياته ولوجباته الشخصية والعائلية فبطريقة الفلاش باك حدثت أحداث القصص الرائعة الشيقة داخل غرفة المدير وفصول المدرسة والحوش فى منظر وفصل واحد حيث الشخصيات الثانوية من مفتشين وأولياء أمور ولجان التفتيش من المديرية والوزارة والسيدات الجميلات والحسناوات والدميمات فمبدعنا عز العرب عبد الحميد ثابت وهو البطل أو صاحب الدور الرئيسي فى قصصه يعب فى معظم أدواره على وترين وهو قائد تعليمى محنك تربوى ، فبعين الخبير التعليمى يتفحص النشرات والملفات التى على مكتبه من خلف نظارته الطبية وبدلته الصيفية البنية ، وبعين أخرى يتفحص الأجساد المرمرية والعيون العسلية من زائرات المدرسة صاحبات الجثث الفخمة والأساور الذهبية كما فى قصة ( امرأة من قاع المدينة ) فهو يفصل ويمعن ويدقق النظر فيمن أمامه واصفاً فى قصصه بأدق المعانى تفاصيل الأجساد ومعالمها كما فى درس خصوصى ويحاول أن يربط كاتبنا قصصه بواقعنا القديم فى قصة طريق المخاطر صورة الفرح والطبل والمزمار والبنات يضربن بالدفوف وهن يغنين ( أمه نعيمة نعمين ) على الرغم من اختفاء تلك الصورة فى عصرنا الحديث فصار ( الدى جى ) بديلاً عن الدفوف وكنت أضحك بين الحين والحين بصوت عالٍ لفت انتباه رواد القطار فتهامسوا لم الضحك ؟! .. وواصلت قراءة مبكيات ومضحكات عز العرب وتلاحظ أننى قدمت البكاء على الضحك لأننا شعب لا نعرف الفرح كثيراً والضحك فإذا فرحنا بكينا قدرنا هكذا ونحن على أعتاب الثانوية العامة والامتحانات ومما يعانيه المعلمون والمراقبون والملاحظون ورؤساء اللجان من سوء الإقامة والتعايش مع المجهول خلال معاناة الثانوية العامة والإقامة فى مبانْ قديمة ومدارس متهالكة وذلك فى قصته شبح جنة الثانوية العامة ، فالمدارس بدون أسوار قديمة تهاجمها الثعالب والسباع والكلاب ليلاً وتمر بسلام وألفه الحيوانات الصديقة كالأبقار والجاموس عائدة ظهراً من المراعى ملقية السلام وكذلك فى قصته البحر الأحمر ( احتفالية عرس على أمواج البحر الأحمر ) والذى ترك مبدعنا لجنة الامتحان ونظر إلى البحر الأحمر متعجباً من موجه المتراقص المتلاطم وتخيل زفاف عروس البحر إلى عريسها وفى النهاية تم خصم شهر من راتبه واربعو سنوات حرمان من الامتحانات ، وبكيت على القصص المأساوية الحزينة سفينة الفضاء – مدرس فى مستشفى المجانين – مدرس فى المشرحة – أرق وسهر الليالى ، لفت انتباه الكثيرين ونظروا إلىّ وفى أعينيهم سؤال لماذا البكاء ؟! .. ورجعت إلى صندوق الامتحانات وهى قصة رائعة إذ نسى كاتبنا لفة الامتحانات فى القطار المتجهة من الأقصر إلى قوص ونزل يشترى الجورنال فمشى القطار والامتحانات فوق رف إحدى عربات الدرجة الثالثة ونظرت فوقى فوجدت جسداً نحيلاً يرتدى جلباباً فضفاضاً يتدلى من الرف نائماً على شنطة ضخمة مستغرقاً فى نوم عميق وقلت حقيقة النوم سلطان ، المهم ركب مبدعنا عربة أخرى وحصل القطار فى خزام ووجد الامتحانات ونلاحظ فى تقديم الكتاب يقول مبدعنا عن الكتاب " أنه لوناً من ألوان السيرة الذاتية " وهو لون من ألوان الفن القصصى والهدف منه الإثارة والتشويق واكتساب الخبرات وأضيف أنا الفكاهة والطرفة ويذكر أن الكاتب أحجم إحجاماً كبيراً عن فترة طويلة فى حياته كطالب أو معلم فى قوص غير أنه ذكر فى صندوق الامتحانات حينما كان معلماً بمدرسة شركة السكر بقوص ولم يتطرق كاتبنا إلى جذوره وأصوله العائلية فعمه موجههاً للغة العربية وخاله معلماً خبيراً فى المدارس الابتدائية ، ولقد كان هو الوحيد فى بيته الذى اتصل بالتربية والتعليم اتصالاً مباشراً ، وأجمل ما فى الكتاب الإهداء الذى جعلنى أفخر بكاتبنا لأنه تمسك بالأصول العائلية وأهدى الكتاب إلى أ . د / عنايات عبد الحميد ثابت – أستاذ ورئيس قسم القانون الدولى الخاص بكلية الحقوق جامعة القاهرة – ووصلت إلى محطة قوص ووضعت الكتاب فى جيبي فى حذر ونزلت محطة قوص وذهبت إلى فراش الوثير وخرجت من دائرة اللاشعور .