نداء الله لغزة : فاثبتوا

نداء الله لغزة : فاثبتوا

جمال سعد حسن ماضي

[email protected]

أن ينادي الله اليوم المجاهدين في غزة , فهذا يذكرنا بأيام الجهاد النبوية , التي أطفأت نار اليهود في بلاد الإسلام , حتي لم يكن لهم وجود , فهم الناكثون للعهد , والمعتدون على الآمنين , والملوثة دماؤهم بالإجرام والإيذاء .

 أن ينادي الله المجاهدين اليوم في غزة , فيقول تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا ) , فهذا يذكرنا بانتصار المجاهدين على التتار و الصليبيين , فارتفع لواء الحق , وعاش أهلنا في فلسطين , في حرية واستقرار وأمان .

واليوم نفس نداء الله , للمجاهدين , بالثبات , فماذا يعني نداء الله لغزة ؟ وكيف يحققه المجاهدون ؟ وما دور أهلنا في غزة تحت القصف براً وبحراً وجواً ؟ وكيف يكون جهاد الشعوب اليوم لإخوانهم بغزة ؟ وما جريرة المتخاذلين عن الجهاد ونصرة إخوانهم ؟ .

 يا مجاهدون :

هذا نداء الله لكم :  { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا } , يفسره سيد المجاهدين رسول الله صلي الله عليه وسلم , فيقول كما ورد في الصحيحين : ( يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو , واسألوا اللّه العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) ، ثم قام النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال : ( اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم , وانصرنا عليهم ) .

فالنبي يبلغ المجاهدين بأنها المقاومة فرضت عليهم , من نار الصهاينة , وتخاذل الجار , وصمت العالم , فاصبروا , وجاهدوا فإنها الجنة الغالية , وثمنها ما تقدمونه من بسالة وشجاعة وإقدام .

أيها المجاهدون يبلغكم قتادة قائلاً : ( افترض اللّه ذكره عند أشغل ما يكون ، عند الضرب بالسيوف ) , وأنتم اليوم تتحدون ضربات من البحر والجو والبر , فما أحوجنا إلى قلوب كقلب قائدنا صلي الله عليه وسلم , وهو يلجأ إلى ربه : ( اللهم منزل الكتاب , ومجري السحاب , وهازم الأحزاب , اهزمهم , وانصرنا عليهم ) .

وكأني بكعب الأحبار وهو من أعماق قلبه يبلغنا : ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال فقال: { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا اللّه كثيرا لعلكم تفلحون } , فأمر تعالى بالثبات عند قتال الأعداء والصبر على مبارزتهم ، فلا يفروا ولا ينكلوا ولا يجبنوا ، وأن يذكروا اللّه في تلك الحال ولا ينسوه ، بل يستعينوا به ، ويتوكلوا عليه ، ويسألوه النصر على أعدائهم ) .

ويا أهلنا في غزة

 يا أهل الصمود والتصدي , اليوم تغيظون الشيطان , الذي قال للمترددين المتخاذلين : { لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُم ْ} [الأنفال:48]  , ويالها من بلاهة من متخاذلي اليوم ممن حولكم وهم يرددون نفس القول , والله يرد عليهم : { غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ } [الأنفال:49] , فليس لنا إلا الأخذ بأسباب النصر, والثبات على الجهاد : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ , وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } , [الأنفال:45-46] .

يكفيكم مدح الله لكم , فأنتم الربانيون المقاتلون , لأنكم في جهاد حقيقي اليوم , فالتفوا حول المجاهدين:{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } آل عمران:146-147.

ألا تريدون أن تهزموهم بإذن الله ؟ هذا إذن الله قد اقترب , فتأهلوا له , كما تأهل له هؤلاء المؤمنون: { وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } البقرة :250، فاستجاب الله تعالى لهذا الشعب المؤمن , فقال تعالى :

{ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ } .

ويا شعوب العالم :

يامن خرجتم تواجهون تخاذل أنظمتكم , لقنوهم درساً , كما لقن السحرة فرعون درساً بإباء وثبات , غير وجلين من تهديده , وغير عابئين بوعيده , فكم حاول فرعون إرهابهم ، ولكنهم أشهروا سلاح الثبات :

 { قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ , وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا , رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا , وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } الأعراف : 125-126.

فالمزيد من ثباتكم , فالثبات بيد الله تبارك وحده , فواصلوا ما منّ الله به عليكم من نعمة الثبات ,  كما خاطب حبيبه صلي الله عليه وسلم :

 { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً } الإسراء: 74 .

ورضي الله عن الصحابي عامر بن الأكوع , الثائر ضد اليهود , وهو في طريقه إلى خيبر ,  ففي صحيح مسلم أن عامر بن الأكوع , أرجز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم :

والله لولا أنت ما اهتدينا              ولا تصدقنا ولا صلينا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صدقت» .

فقال عامر :

فانزلن سكينة علينا                وثبِّت الأقدام إن لاقينا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يرحمه الله ».

 فقُتِلَ شهيداً يوم خيبر .

ويا متخاذلون :

هذا نداء الله , إن فهمتم إياه : ( قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ ) التوبة : 52 .

ماذا تقولون لربكم ؟ وماذا تقولون للأجيال القادمة ؟ وماذا بعد أن فضحتم أنفسكم ؟ ... لاعليكم , فالفرصة مازالت أمامكم , فالثبات ينبع من داخل أنفسكم , وهو بأيديكم , فكونوا مع الصادقين من شعوبكم , الذين يقدمون ما في وسعهم من أنواع الجهاد : { وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ } البقرة : 265 .

 فهل تستطيعون بالفعل تجاوز ما أنتم عليه , وتعلنون في شجاعة الانضمام , إلى الحق ونصرة أهله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } محمد : 7 .

إلى النصر القريب :

فالملائكة تؤيدكم , يقول تعالي : { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } [الأنفال:12] .

والله ناصركم , يقول تعالى: { وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [الأنفال:26].

 لأن الإيمان رائدكم , يقول تعالى : { ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناَ وتسليما َ} الأحزاب: 22

ووعد الله يستقبلكم , يقول تعالى : ( وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقاَ تقتلون وتأسرون فريقاَ * وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاَ لم تطؤوها وكان الله على كل شئ قديراً } الأحزاب: 27.

فإلى النصر القريب , ومع نداء الله لكم : فاثبتوا .............