الصهاينة يعدون الخطط لتغيير صورتهم في العالم

نضال حمد *

[email protected]

ذكرت وسائل الاعلام أن الصهاينة يعترفون بسوء صورتهم في العالم، لأنها ترتبط بالعنف والاحتلال والحروب والقمع. وبناء على تلك الصورة السيئة قرروا العمل لتغييرها.

الكيان الصهيوني هو بالأصل سيء ودموي وهمجي، أقيم على أرض الشعب الفلسطيني بالقوة والدماء والنار والارهاب، من خلال عملية استئصال واقتلاع وترانسفير منتظمة واظبت عليها جميع المنظمات والعصابات الصهيونية المسلحة، التي استولت على أرض فلسطين سنة 1948 حيث تمت نكبة مئات آلاف الفلسطينيين، عبر تشريدهم عن ديارهم، وارتكاب المذابح والمجازر وعمليات التطهير العرقي، والاغتصاب والسلب والنهب والنسف والتدمير. وبعد أن تمكن الصهاينة من احتلال جزء كبير من ارض فلسطين التاريخية أتمت الأمم المتحدة عملية تغييب فلسطين عبر قرارها الدولي تقسيم فلسطين الانتدابية الى دولتين احداها يهودية و الأخرى عربية.

الصهاينة لم يكتفوا بالمساحة المحددة لهم من قبل الأمم المتحدة فاستولوا على عدة مدن وبلدات ومناطق كانت تابعة وفق قرار التقسيم للدولة العربية . وبعد ذلك أكملوا اغتصابهم لكل فلسطين سنة 1967 حين احتلوا الضفة الغربية وقطاع غزة. أمام عجز عربي رسمي كامل وشامل. وبقيت مجموعة كبيرة من الفلسطينيين ترزح تحت نير الحكم العسكري في الجليل والمثلث والنقب والساحل. ثم مارس الاحتلال ابشع صوره الارهابية والفاشية المستحدثة في الضفة الغربية وقطاع غزة على مر سنوات طويلة. و مازال يفعل ذلك حتى يومنا هذا ولو بشكل مغاير مع أنه أكثر بشاعة ودموية وهمجية.إذ صادر الاحتلال اراضي الفلسطينيين وأقام مئات المستوطنات عليها بتمويل يهودي عالمي وأمريكي، وبمشاركة شركات غربية. كما باشر عملية تهويد للقدس الشرقية بغية تغيير واقعها الديمغرافي بعدما كان فعل ذلك في الجليل. وتبع ذلك بتشييد جدار الفصل ملتهماً اراضي الفلسطينيين ومقسماً بينهم وبين عائلاتهم واملاكهم ومصادر رزقهم ومدارسهم ومصانعهم واماكن شغلهم.

سنة 1987 جاءت الانتفاضة الفلسطينية الأولى لتكشف زيف الديمقراطية الصهيونية... لتعريها وتفضح الاحتلال وتسقط القناع الزائف الذين كان يستخدمه.حيث شاهد الملايين في العالم القمع الصهيوني لشعب مارس العصيان المدني والشعبي لعدة سنوات. ثم تحقق العالم من دموية الاحتلال حين شاهد الجنود الصهاينة وهم يكسرون أيدي الشبان والفتية الفلسطينية بالحجارة بناء على تعليمات الجنرال رابين مبتدع هذا الاسلوب الوحشي. 

بعد ذلك جاءت هبة البراق أو النفق واظهرت الصهيونية وجهها الحقيقي من جديد حيث قمعت بعنف وبقوة الفلسطينيين وقتلت وجرحت منهم العشرات.

أما في الانتفاضة الثانية ، انتفاضة الأقصى والاستقلال أشهرت الصهيونية آخر ما ابتكرته من استخدامات واسلحة وعمليات تنكيل وقمع وقتل واغتيالات وتصفيات ومجازر ومذابح واجتياحات وتدمير لكل شيء من الشجر والحجر الى البشر والخبر. عشرات آلاف الفلسطينيين جرحوا ، حوالي ستة آلاف شهيد ، آلاف الأسرى والمعتقلين، اغلاق وحصار وتجويع،اعدام للمرضى على الحواجز والمعابر نتيجة عدم السماح لهم بالعبور الى المستشفيات لتلقي العلاج اللازم. واطلاق النار على المعتقلين و الاسرى في الميدان. وفي حالات لا تشكل خطراً على الجنود. كذلك قتل الأطفال وطلبة المدارس في الضفة الغربية وقطاع غزة. حصار وعزل واغلاق مدن ومناطق فلسطينية لسنوات وأشهر... وأبعد من ذلك اطلاق الرصاص وقتل المتظاهرين من فلسطينيي الخط الأخضر في مناطق فلسطين ال48 كما حصل في هبة اكتوبر سنة 2000. ولغاية اليوم لم يقم الصهاينة بمحاسبة اي شخص مسؤول عن تلك الجرائم . وتعمل المؤسسة الحاكمة على حماية كل مجرم  من المحاسبة الداخلية هذا إن وجدت وكذلك من المحاكم الدولية. كما حصل في قضية مقاضاة شارون في بلجيكا وبعض الضباط الصهاينة في بريطانيا واسبانيا مؤخراً.

تعلم " اسرائيل" علم اليقين أن استطلاع الرأي الاوروبي الذي أجري قبل أقل من سنتين ووضعها مع الولايات المتحدة الأمريكية في قمة الدول التي تشكل خطراً على السلم والأمن العالميين يعتبر كارثة بالنسبة لها ولصورتها. من هنا جاءت أيضاً فكرة اعادة تغيير صورة الصهاينة في العالم. لذا فأن وزراة الخارجية الصهيونية تدأب وبكل جدية وجهد على تغيير تلك الصورة. ولهذا الغرض قامت الوزارة المذكورة بتوقيع عقداً مع شركة " أكاتشي" البريطانية قبل نحو شهر ونصف. سبقه قيام مجموعة من خبراء تلك الشركة باجراء بحوث حول صورة كيان " اسرائيل" في العالم. ويعكف هؤلاء الخبراء على اجراء بحوث تقضي الى تغيير تلك الصورة عبر وضع استراتيجية تظهر  الكيان بصورة مختلفة في العالم. ولأجل هذا الغرض أجرت المؤسة المذكورة زيارة ميدانية والتقت قبل اسبوع مع رجال أعمال وأكاديميين ونشطاء في مجال جودة البيئة، بهدف العمل على بلورة خطة لخلق صورة جديدة للكيان الصهيوني من خلال محاولة ربطه بالانجازات العلمية وبحياة ثقافية منفصلة عن الصراع في الشرق الأوسط. لكن هل ينجح هذا الشيء خاصة إذا ما عرف العالم الخارجي بحقيقة قائمة  وهي ان " اسرائيل" ديمقراطية لليهود فقط. فهذا ما أكدته مؤخراً قرارات محكمة الصلح في حيفا حيث برئت ساحة ثلاثة متطرفين يهود من تهمة نشر ملصقات تحرض على الانتقام من أهالي بلدة شفاعمرو الفلسطينية.  فقد أتخذ القاضي في المحكمة قراره: "هذه هي الديمقراطية وهذه هي طبيعة حرية التعبير عن الرأي......"! .

وهذا بالضبط هو الذي قصدناه وعنيناه بديمقراطية المغتصبين...

              

* نضال حمد – مدير موقع الصفصاف – رئيس الجالية الفلسطينية في النرويج