ترى ... ما هي رسالتك ؟!

ترى ... ما هي رسالتك ؟!

لبنى شرف / الأردن

[email protected]

تُتَّهمُ النساءُ عادةً بالثرثرة و خفة العقل ، و السطحية و الجهل ...، و أنا أرى بأن هذه الصفات تنطبق على فئة من النساء ، تلك التي لم تعرف غايتها في هذا الوجود حق المعرفة ، و لم تُدرك عظم الأمانة و الرسالة التي تحملها ، فالمسلمة التي تعي هذا ، و تدرك أن عليها رسالة يجب أن تؤديها في هذه الحياة ، لا تجد وقتاً للثرثرة ، و لا تقبل بأن توصف بالجهل أو قلة العقل ، لأن حاملة هذه الصفات معول هدمٍ و ليست معول بناء في صرح الأمة التي تنتمي إليها ! و لذلك تجدها تسعى جاهدةً لأن ترتقي و تسمو بدينها و عقلها و فكرها و علمها و أخلاقها ، و تتنافس مع قريناتها و لكن ليس في السفاسف كما تفعل بعض النساء و للأسف ، و إنما في معالي الأمور ، شأنها في ذلك شأن الصحابيات الجليلات – رضي الله عنهن – في علو الهمة و التسابق نحو الجنان .

شرف  النفسِ عفةٌ و iiصلاح
ذكِّرينا  بالمؤمنات ِ iiالخوالي
و رياضُ الآدابِ يَرْتَعْنَ iiفيها


و لُبابٌ يزري بزيْفِ القُشورِ
يـتنافسْنَ  في معالي iiالأُمورِ
كـجِـنـانٍ مَسْكونةٍ بالحورِ

و تراها خيرُ مُعين لزوجها في العلم و الدعوة ، و في كل باب من أبواب الخير ، بل ربما تسابقه و تنافسه في ذلك ، و هو في أتم الرضا و السرور ، و تملأه السعادة و الحبور ، لأنه عرف من يختار ...

من شاء أن يحيى قريراً هانئ البالِ اصطفاكِ
أو شـاء عُـشّاً حافِلاً باليُمْنِ لم يَخْتَرْ iiسِواكِ
أو شـاء جيلاً صالِحاً طابت مغارسُهُ iiاجتباكِ

 مثل هذه المرأة تعي تماماً ماذا يعني أنها راعية في بيت زوجها و مسؤولة عن رعيتها ، و تشعر بعِظَم الأمانة و الدور الملقى على عاتقها تجاه أولادها ، فترعاهم ، و تحنو عليهم ، و تؤدبهم و تربيهم خير تربية ، و تسمو بأرواحهم و عقولهم ، و لا يكون هذا إلا إذا أرضعتهم الدين كما ترضعهم الحليب ! فهذا غذاء الأبدان ، و ذاك غذاء العقول و الأرواح .

و  أمـانـة الأجيال في iiأعناقنا
تلك الورودُ الناشِئات على التقى
هـلا أخذتِ بِهِنَّ في نهجِ iiالعلا


دَيْـنٌ  نُـوَفّـيـهِ إلى iiالرحمٰنِ
رَيّـانـةً  مُـخْضَرَّة iiالأغصانِ
و وَقَـيْـتِـهِنَّ حَبائِلَ iiالشيطانِ

أختاه فلتكن لك غاية سامية تمضين نحوها ، و لتكوني من أصحاب الهمم العالية و النفوس التوّاقة ، و إيّاكِ و العيش سبهْللا ، فليس هذا من نهج المسلم ، و إياك و الجهل ، فما الجهل إلا مفسدة ، و لكل سوءٍ مجْلَبَة ، ثم إياكِ من الفراغ القاتل و المُدمِّر ، فهو سببٌ لكثيرٍ من الذنوب و المعاصي ، و ضياعٌ بل قتلٌ للوقت بالثرثرة الفارغة ، و لستُ أدري كيف يكون عند المسلم وقت فراغ لا يقضي فيه أمراً ينفعهُ في دينه أو دنياه !! فهذا وقته مقتٌ عليه ، كما قال التابعي الجليل سفيان الثَّوْريّ : (( من لم يتأدب للوقت ، فوقتُه مَقْت )) . و لقد كان يأتي الإمام ابن الجوزي – يرحمه الله – أحياناً في مجلسه بعض البطّالين – فارغي النفوس و العقول –ليتحدثوا معه بأحاديث لا تُغْني و لا تسمن من جوع ، فيقول عنهم : (( فجعلتُ من المستعدّ للقائهم قطع الكاغد ، و بري الأقلام ، و حزم الدفاتر ، فإن هذه الأشياء لابد منها ، و لا تحتاج إلى فكر و حضور قلب ، فأرصدتها لأوقات زيارتهم لئلا يضيع شيء من وقتي . و ورد عن الشيخ الفقيه النحوي ابن عقيل الحنبلي أنه قال مُفْتِياً : (( إنّي لا يحِلُّ لي أن أضيِّعَ ساعة من عمري ، حتى إذا تعطَّلَ لساني عن مذاكرة و مناظرة ، و بصري عن مطالعة ، أعْمَلْتُ فكري في حال راحتي و أنا مستطرح )) .

أرأيت أختي إلى هؤلاء كيف كانت هممهم عند الثريا ؟! . فلتكن لك همة عالية ، و لتكن لك رسالة تحملينها ، و ليس أسمى من حمل رسالة الإسلام ، فامضي نحوها واثقة الخطى ، عزيزة الجانب ، مرفوعة الهامة .

أنّـا حـلَـلْـتِ فأنتِ بدرٌ iiساطعٌ
فـي  البيت تبنينَ النفوسَ iiفترتقي
فـي كـل قلْبٍ حائرٍ يرجو الهدى
بـرسـالـة الإسلام فيضي iiحيثما
فـرسـالـة الإسـلام مَبْعَثُ عِزَّةٍ
أكـرم بـه مـن دعـوةٍ iiقـدسيةٍ
فـتَـمَـثَّـلـيها  في الحياة iiفإنّما






يـتـلألأُ  بـخـلائـقِ iiالـقرآنِ
فـي  سـعْيِها و تفوزُ iiبالرِّضوانِ
في الأهل في الأترابِ في الجيرانِ
يـمَّـمْـتِ  وجهك بالسَّنا الرباني
و مـنـارُ إصلاحٍ و حصنُ iiأمانِ
بـالـبِـرِّ مـشـرقة و iiبالعرفانِ
خـيـرُ  الـحصادِ هدايةُ iiالإنسانِ

اللهم اجعل أنفاسنا في طاعتك ، و وفقنا للعمل الصالح الذي يُرضيك عنا و يُقربُنا إليك ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، ... اللهم آمين ، و الحمد لله رب العالمين .