كلمة السر للخروج من طول الأمد
سهير علي أومري
كان ذلك يوم أذن الله تعالى للبشرية أن تسمو وترتقي من مهاوي الشقاء والهلاك إلى مراقي النور والضياء ...
يوم انبثقت كلمة اقرأ من رحم جبل النور لتخرج الناس من الظلمات إلى النور...
يوم تم تسليم الأمانة فاتصلت الأرض بالسماء ، وارتقت الإنسانية في معارج امتدت تحملها من أرض وجودها إلى جنة خلودها...
يومها أدركت البشرية أنه يمكن لصلصال الفخار أن ينشئ الأمم والحضارات على نحو يحقق مهمة الخلافة التي إنما خلق لأجلها.... ثم تتابعت السنون والقرون حتى وجدنا أنفسنا فيما نحن فيه اليوم نتطلع إلى النهضة ولا نعرف لها طريقا ، نؤمن بحتمية التغيير ولا ندري من أدواته إلا ( يجب وعلينا وهيا بنا ) مفتقدين أهم أداة للتغيير ( كيف ) التي تدلنا من أين نبدأ ، وماذا نفعل ، وفي أي طريق نسير
(كيف ) التي تمثل كلمة السر للخروج من طول الأمد فتمنحنا مفاتيح التغيير ، وتدلنا على مكونات التفاعل الذي من شأنه إن نجح أن ينتج للبشرية ذاك الخليفة القادر على جعل أمتنا خير أمة أخرجت للناس
( كيف ) الخاصة بنا بمنظومتنا الفكرية والأخلاقية ، والتي لا تشبه أي ( كيف ) أخرى أنتجها أي مجتمع في أي زمان أو مكان
( كيف) التي تقدم للأمة تجديدا تحتاجه الأجيال في عصرنا يساعدهم على تمثل الدين في سلوك منبثق من روح العقيدة وروحانية العبادة يسعى إلى نهضة الأمة ورفعتها يبدأ بإماطة الأذى عن الطريق ولا ينتهي عند اختراع أو اكتشاف أو إبداع...
تجديد يجعلهم يدركون أن الدين بقدر ما هو عقيدة وشعائر وعبادة إنما هو سعي وعمل وبناء، والغاية الكبرى من كل ذلك بناء هذه النفس وتزكيتها على نحو يمكّنها من رقي الأمة ورفعتها، وعلى نحو يجعل أبناءها لا يحقِّرون من المعروف شيئا.
تجديد تتمثل الأجيال به عبادةَ تبسُّم الإنسان في وجه أخيه الإنسان.... وعبادة النية في كل معروف تقصد به وجه الله....
تجديد يرتقي بالعقل فيشعر... ويرتقي بالقلب فيفقه... ويرتقي بالجوارح فتترك ساحات العجز إلى أفق الإرادة، فتغدو فاعلة مؤثرة لا تقبل السير في ركب الواقع المألوف، بل تقوم لقيادة الركب نحو القادم المنشود الذي لا تدركه البصائر ولا تقيده الحدود... هناك حيث نطمح لأمتنا أن تكون... متربعة على عرشها الذي سقط ذات يوم
تجديد يترفع عن التقليد الأعمى ، والتماهي مع الآخر، والسير وراء كل ناعق، بل يجسد معنى الخروج من طول الأمد... خروج مبنيّ على ثوابت أرساها خالق الثوابت والمبادئ...
تجديد اكتسب جِدَّته من ظهوره إلى أرض الواقع وعودته إلى الحياة بعد أن كان مختفياً في غياهب الماضي مختلطاً بشوائب العادات والأفكار والقناعات حتى غدا مشوهاً فاقداً روحه ومعناه...
سماتٌ للتجديد ولأداة التغيير ذكرتُ بعضها وتبقى مفتوحة لكل نفس صادقة لتضيف إليها ما ينهض بنا من حيث نحن اليوم إلى حيث أراد الله لأمتنا أن تكون .