النظام السوري: أنا أقتل إذن أنا موجود!
■ شهدت سوريا في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة مجازر كبيرة ارتكبتها طائرات النظام الحربية والمروحية التي صبّت الصواريخ والبراميل المتفجرة على خارطة مساحية هائلة بحيث امتدت رقعة المقتلة على مناطق في مدينة الباب في ريف حلب، وحــــيي الفردوس والشعار بمدينة حلب، وبلدة الشــــدادي في ريف الحسكة الجنوبي، وقرية حطلـــــة في ريــف دير الزور الشرقي، وأطراف منطقة المرج بغوطة دمشق الشرقية، ومناطق في الحجر الأسود في جنوب العاصمة، وقريتي بليون وجوزف في جبل الزاوية في ريف إدلب، وقرية الزعفرانة في ريف حمص وبلدة صيدا في ريف درعا.
وبذلك يكون النظام السوري قد شمل في هجومه ثماني محافظات من أصل أربع عشرة محافظة سورية، وهي المحافظات التي تضم تواجدا للمعارضة السورية، وشمل الاستثناء من القصف بعض المحافظات «المؤيدة» والتي تسكنها «الحاضنة الاجتماعية» للنظام، مثل اللاذقية وطرطوس، كما شمل محافظة الرقة، العاصمة الفعلية لتنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا.
أحصت مصادر حقوقية، منها «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إسقاط النظام السوري خلال الخمسة أشهر ونصف الماضية لأكثر من 6700 برميل متفجر أدت إلى مقتل 2700 شخص بينهم 453 طفلا و290 امرأة.
الأمم المتحدة، من جهتها، أصدرت القرارين 2139 و2165، الذي يشير أولهما إلى أعداد القتلى الهائلة وخصوصاً الأطفال، ويدين الثاني الهجمات العشوائية على المناطق المأهولة بالسكان، واستخدام البراميل المتفجرة والقصف المدفعي والضربات الجوية واستخدام التعذيب وسوء المعاملة والعنف الجنسي، والانتهاكات ضد الأطفال، ويعتبرها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويحمل السلطات السورية مسؤولية حماية السكان، ويطالب بإدخال المساعدات للمناطق المحاصرة، ويؤكد أنه سيتخذ مزيداً من الإجراءات في حال عدم امتثال أي طرف سوري لهذا القرار.
المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أدان في بيان مكتوب القصف الجوي، وذكر بالتحديد، قصف المروحيات السورية سوقاً شعبياً في حي الشعار في حلب، واعتبره يستحق إدانة دولية، وقال «من غير المقبول بتاتاً أن تهاجم القوات الجوية السورية أراضيها بشكل عشوائي وتقتل مواطنيها»، واعتبار دي ميستورا هذا العمل أمراً غير مقبول سيقابل بالتأكيد بازدراء كبير من النظام الذي يتفاوض مع العالم بأدوات الإبادة.
المجازر «العشوائية» ممنهجة ومنظمة ومسيّسة ككل المذابح التي يرتكبها النظام السوري، وهدف الأخيرات منها هي أن يقول النظام لمحازبيه والموالين له إنه موجود وبالتالي تخفيف الغضب الكبير المتصاعد بين مؤيديه بعد الخسائر الكبيرة التي جرت في إدلب وبصرى الحرير وأريحا وتدمر.
لا تخلو بعض الغارات من هدف آخر، كغارات الشدادة في الحسكة التي تهدف لمساعدة عناصر حزب العمال الكردستاني في الوصول إلى منفذ حدودي مع تركيا يريدون السيطرة عليه، وقد تواقتت هذه الغارات، بالمناسبة، مع غارات قامت بها طائرات «التحالف الدولي» الذي تقوده أمريكا تصب أيضاً في إطار دعم المقاتلين الأكراد في الحسكة وكوباني.
في المشهد العام إذن يقول النظام لأنصاره: أنا أقتل إذن أنا موجود، وتقول نيران «التحالف الدولي» أنها تتقاطع معه في مناطق محددة، ويعتبر العالم سباحته في دماء شعبه أمراً «غير مقبول».
رأي القدس
-------
مجازر في كل أنحاء سوريا وإدانات دولية للنظام
May 31, 2015
بيروت – أ ف ب: قتل حوالى 150 مدنيا يومي السبت والأحد في سوريا في غارات جوية للنظام السوري. ووثق المرصد السوري لحقوق الانسان الأحد مقتل 141 مدنيا السبت في غارات من طائرات حربية ومروحية على مناطق عدة في سوريا، بالإضافة الى مقتل ثلاثة آخرين الأحد.
وأدان موفد الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا الغارات التي استهدفت السبت ببراميل متفجرة محافظة حلب وتسببت بمقتل 25 شخصا في أحياء في شرق حلب واقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة، بحسب حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، و59 آخرين في مدينة الباب الواقعة في ريف حلب تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال إن هذا القصف الجوي «يستحق أشد الإدانة الدولية».
وأضاف «من غير المقبول بتاتا أن تهاجم القوات الجوية السورية أراضيها بشكل عشوائي، وتقتل مواطنيها»، مشددا على «وجوب وقف البراميل المتفجرة».
وحصيلة القتلى في محافظة حلب هي بين الأضخم في قصف جوي في المنطقة في يوم واحد خلال الأشهر الماضية.
وقتل عشرون مدنيا في منطقة جبل الزاوية الخاضعة لسيطرة كتائب معارضة في محافظة إدلب (شمال غرب) في قصف بالصواريخ من طائرات حربية، و22 مدنيا في مدينة الشدادي، معقل تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة الحسكة (شمال شرق)، بينما توزع القتلى الآخرون على مناطق أخرى في ريف دمشق ودير الزور (شرق) ودرعا (جنوب).
ولا يشمل الإحصاء 43 قتيلا هم مقاتلون من تنظيم «الدولة الإسلامية» مع أفراد من عائلاتهم قضوا في غارة لقوات النظام استهدفت مساكنهم في مدينة الشدادي السبت، بحسب المرصد.
وطالب المرصد السوري لحقوق الإنسان أعضاء مجلس الأمن الدولي «بإصدار قرار ملزم يمنع استهداف المدنيين في سوريا الذين ترتكب المجازر بحقهم بشكل يومي تحت أنظار المجتمع الدولي».
في ردود الفعل الخارجية، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند «هالني الاعتداء العنيف الأخير الذي قام به نظام الاسد»، داعيا إلى «عملية انتقالية سياسية لا يكون فيها للأسد دور في مستقبل سوريا».
وتواصلت الغارات الجوية الأحد على مناطق عدة، بينها مدينة الباب حيث قتل ثلاثة أشخاص، ولم يتبين حجم الخسائر في المناطق الأخرى بعد.
وغالبا ما تتعرض المناطق الخارجة عن سيطرة النظام لقصف بالبراميل المتفجرة ندد به العديد من المنظمات الدولية وغير الحكومية.
وبدأ النظام في عام 2013 بقصف حلب بالبراميل المتفجرة، وهي عبارة عن براميل بلاستيكية محشوة بالمتفجرات والمواد المعدنية ولا يمكن التحكم بدقة بأهدافها. وتسببت الغارات على حلب في عام 2014 بمقتل ثلاثة آلاف مدني، بحسب منظمة العفو الدولية.
في المقابل، ترد المعارضة منذ أشهر على الغارات بقصف بقذائف الهاون والقذائف الصاروخية على الأحياء الغربية من مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة النظام، ما تسبب بمقتل المئات من المدنيين.
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» خبر «ارتقاء ثمانية شهداء وإصابة عدد آخر بجروح جراء اعتداء إرهابي بقذائف صاروخية أطلقها إرهابيون على حي الأعظمية في حلب» الأحد.
ويأتي هذا التصعيد من قوات النظام بعد سلسلة خسائر تعرضت لها على الأرض في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (مدينة تدمر) على جبهة، ومقاتلي المعارضة ومعهم جبهة النصرة على جبهة أخرى (محافظتا إدلب ودرعا).
وواصل تنظيم الدولة الإسلامية تقدمه في منطقة تدمر حيث سيطر السبت على بلدة البصيرة جنوب المدينة التاريخية والواقعة على مفترق طرق يؤدي الى دمشق جنوبا والى حمص غربا.
وقال الناشط المعارض محمد حسن الحمصي المتحدر من تدمر أن «البصيرة مفترق طرق مهم جدا واستراتيجي، وبعد السيطرة عليه، باتت الطريق مفتوحة من تدمر الى محافظة الأنبار العراقية وسالكة من دون اي عائق. كما ان الطريق مفتوحة من مناجم الفوسفات الواقعة على بعد سبعين كيلومترا جنوب تدمر الى مصفاة بيجي العراقية».
كما تمكن التنظيم من إحراز تقدم السبت في محيط مدينة الحسكة، واستولى على حواجز عدة على بعد أربعة كيلومترات من مدخل المدينة التي يشن هجوما عليها منذ السبت. وأفاد المرصد عن استمرار المعارك بين التنظيم المتطرف وبين قوات النظام التي سقط منها في معارك السبت 15 قتيلا.
وعلى الرغم من هذا التراجع على الأرض، صرح رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي الأحد «أن الجيش العربي السوري قادر على تحرير كل شبر من الأرض السورية»، مشيرا الى أن «بقاء الإرهابيين في الرقة (شرق، معقل تنظيم الدولة الإسلامية) مسألة وقت فقط، لأن الجيش قادم اليها وسوف يهزم التنظيمات الإرهابية المسلحة».
على جبهة تنظيم الدولة الإسلامية وفصائل المعارضة المسلحة، تمكن التنظيم الأحد من السيطرة على بلدة صوران وقريتي البل والحصية في ريف حلب الشمالي بعد اشتباكات عنيفة مع الكتائب المقاتلة بدأت منذ يومين واستمرت حتى فجر الأحد، بحسب ما ذكر المرصد السوري.
وتبعد صوران عن مدينة أعزاز ومعبر باب السلامة الحدودي مع تركيا نحو عشرة كيلومترات.
وقتل ما لا يقل عن 31 مقاتلاً من الفصائل المعارضة في المعارك منذ الجمعة، بالإضافة الى 22 عنصراً من التنظيم الجهادي.
وسيكون التقدم الذي حققه تنظيم الدولة الإسلامية خلال الأسابيع الأخيرة على الأرض في سوريا وفي العراق المجاور حيث استولى على مدينة الرمادي في محافظة الأنبار، محور لقاء يعقده التحالف الدولي ضد التنظيم في باريس الثلاثاء لمراجعة «استراتيجيته».
وينفذ التحالف منذ الصيف الماضي غارات جوية على مواقع لجهاديين في سوريا والعراق.