الزّعَامَةُ وَهَيْبَةُ الدّولَةِ
قَالَ رَسُولُ اللهِ ": أللَّهُمَ أعزَّ الإسْلامَ بِأحْدِ العُمَرينِ أي "عمر بن الخطاب أو عمر بن هشام-أبو جهل) لِمَا ..؟ لأنَّهُما زَعِيمَانِ مُقَدَّرانِ في قَومِهِما ..وَيَتحلّيانِ بِالشجَاعَةِ والتَضْحِيةِ والمَهَابَةِ بَينَ النَّاسِ .. فجعل اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هذا الشرف إلى عُمرَ بِنَ الخطابِ رَضي اللهُ عَنْهُ وأرضَاهُ.. فَكانَ إسْلامُهُ كَمَا أرادَ رَسُولُ اللهِ نُصرةً وَمَهَابةً للمسلمين ..وَتَمرُ الأيّامُ لِتُنْبِئُنَا المرةَ تِلو الأُخْرى بِخصَالِ الزّعَامَةِ العُمريِّةِ الفَذّةِ.. أصرَّ بَعدِ إسْلامِهِ مُباشرةً أن يُنهي المُسلمون حَالةَ التّخَفيِّ بِدارِ الأرقمِ بِنْ أبي الأرقمِ.. وسَارَ المُسلِمون مُكبِّرين حتى دَخَلوا الكعبةَ.. فَكَانت أولَ مُواجَهَةٍ بَينَ المُسلمين وَقُريش.. وَهَاجرَ المُسلِمون سراً وهَاجَرَ عُمَرٌ عَلانِيةً مُتحدياً جَبروت قُريشٍ.. وَنَزلَ القُرآنُ عَلَى رَأيهِ في أسْرى بَدرٍ.. وَبَادرَ فَحسَمَ الجَدَلَ يَومَ سَقيفَةِ بَني سَاعِده في اختيار خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "والذي نَفْسي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكاً فَجَّاً إلاَّ سَلَكَ فَجّاً غَيرَ فَجِّكَ" وأخبرَ صلى الله عليه وسلم الصحَابَةَ قَائلاً :"لو كان بَعدي نَبيٌّ لكَان عُمرُ بِنُ الخطابِ" وأطلَقَ عُمرُ صَرخَتَه التي لا تَزَالُ تُدوّي في أُذنِ الزمَانِ وَتَملأ ُآفَاقَ المَكانِ :"مَتى استعبَدتمُ النَّاسَ وَقد وَلَدتهم أمهاتُهم أحراراً" الصرخَةُ التي عَلَقَ عَلَيها خَطِيبُ الثَورةِ الفِرنْسيِّةِ مِستر لافاييت قائلاً:"أيّها المَلِكُ العرَبِيُّ عُمر أنت الذي حَققتَ العَدالَةَ في الأرضِ"وقُلتُ في أحدِ كُتُبي:"لَقد ذُبِحَت هَيّبَةُ دَولَةِ الإسْلامِ يَوْمَ أن ذُبِحَ عُمرُ"ويَقُولُ القُرآنُ في قِصةِ طَالُوتَ عَلَيهِ السْلامُ:"وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"فالزعامةُ لا تُصنعُ بحالٍ مِنَ الأحوالِ..الزعَامَةُ فِطرةٌ وَهِبةٌ رَبَّانيِّةٌ..والزعامةُ هيبةٌ وَسِماتٌ وَخِصالٌ مُتَميّزةٌ..تُؤهلُ صَاحِبَها لِيكُونَ مَقْبُولاً مُطَاعاً مُهَاباً عِنْدَ مَنْ يَقُودُهُم وَيَسُوسُ أمْرَهُم..والتَاريخُ يُنْبِئُنَا..وَواقعُ الحالِ يُقْرئُنَا..وَقِصصُ القرآن تُؤكِدُ لَنا هَذهِ الحَقيقَة..فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ..؟
وسوم: العدد 828