جزيرة سامسو الدنماركية بعيون عراقية

نادين مراد

الدانمارك

عندما أذكر سامسو أجدُني أتلمس  نبضات جزيرة تتوسط تماماً جسد الدنمارك .. تُدعى فعلاً قلب الدنمارك ... لذا اجدُني أنسج حروفي بأيقاع وموسيقى لغه القلب ..لغه القلب ليست لغه للقراءة و الكتابه بل هي حدث ..حياة .. رحلة ..ووقفة لإتمام صلاة.

وقفه تستغني عن أبجديات أللغات المنطوقة وتركن لسماع نبضات قلبك عندها ستصمت وتراقب كل دوائر التيه والضياع التي مَررت بها في حياتك ...  عندها لن تشعر بأنك غريب داخل جسدك ... ستسمح لأمواج البحر تتلاطم داخلك وتغسل نفسك وجسدك بمائها الصافي ...ستستنشق رائحة الحقول ... ستشعر بتخلل أشعة شمسها الساطعة الى كل الشقوق والتجاعيد المنحوتة بجسدك عبر الأيام  ...ستسمع  أصوات الطيور . صياح الديك .. وقع حوافر الخيول تجري بالمزارع... من بعيد تشاهد الأبقار ترعى في المراعي.

هدوء يُنطق الحجر الساكت ... جزيرة خضراء  يلاطفها الماء من كل جانب ... هذه هي جزيره سامسو.

تاريخها يعود للعصر الجليدي الاول قبل ١٦٠٠٠سنه ... مرت على أرضها كثير من العصور والشواهد الثقافية والاستكشافات الاثرية  من العصور الحجرية والعصور البرونزية مروراً بتاريخ الفايگينك وما زالت شواهد قبورهم  مرئية حتى يومنا هذا.

 سامسو كانت وما زالت جزيرة محورية، حيوية مهمة في الدنمارك بسبب موقعها وسط المحيط...  في زمن الحرب مع إنكلترا عام ١٨٠٠-١٨١١ حاول الدنمارك تحصين الجزيرة خوفا من وقوعها تحت السيطرة الانكليزية . لان احتلالها يعني السيطرة على حركه الملاحة الداخلية وشل العصب الاقتصادي في ارجاء الدنمارك.

جزيره سامسو اليوم هي اول جزيرة في العالم تعتمد كلياً على الطاقة المتجددة بدلاً عن النفط، الفحم الحجري،او الوقود النووي ولها أكتفاء ذاتي ١٠٠/١٠٠  منذ عام ٢٠٠٨. حيث تعتمد في توفير الطاقة على قوة الرياح من خلال توربينات الهواء الضخمة المعروفة بطواحين الهواء العملاقة.. وحركه المد والجزر ..الطاقه الشمسية..الغاز الحيوي

. أن الجزيرة تعتمد نظامين للتدفئة مستخدمة الوقود الحيوي الأول الذي يعتمد على حرق القش في مولدات خاصة مربوطة بالشبكة المحلية للتدفئة الموزعة على المنازل

في حين تعتمد في النظام الآخر على حرق قشور الخشب الناتجة عن الأشجار التي تستعمل في الغابات أو صنع الأثاث أو التي لا نفع بها مدموجة بالطاقة الشمسية لتسخين المياه أيضا.

 كما وزودت المولدات بمدخنة خاصة تمتص الأدخنة المتصاعدة وتخزنها في حاويات  تحتفظ بالحرارة، ليعاد تسخين الغازات وتوليد حرارة أخرى للتسخين وبذلك لا تضخ  الغازات خارجا وذلك لحمايه البيئة

. ولديها خطة بجعل نصف وسائل التنقل المحلية الخاصة بها تتكون من السيارات الكهربائية بحلول عام ٢٠٢٠

مما قرأته انها أول دولة في العالم تعتمد على الطاقة المتجددة والتي تعرف بالطاقة الطبيعية،طاقة لا تنضب هي دولة كوستاريكا التي قد لم نسمع عنها كثيراً فقط في مباريات كرة القدم  وذلك فقط منذ بدايه عام ٢٠١٥

توجد في جزيرة سامسو أكاديمية للطاقه .. حيث تستقبل زيارات من كافة أنحاء العالم للتعرف عن ماهو جديد و الاستفادة من خبرة الجزيرة في توفيره الطاقه المتجددة..

. تعتمد الجزيرة على قطاع السياحة والزراعه

من المواقع الجميلة في هذه الجزيرة ... متحف الجزيرة ... البيوت الصيفية ... الشاطئ .. رحلات بحرية حول الجزيرة ومشاهدة  توربينات الرياح الموجودة في عرض البحر . مواقع صغيرة للترفية العائلي ...متحف للسيارات القديمة.. مطاعم  المهرجان سنوي  للموسيقى والغناء.            

توجد متاهات سامسو التي دخلت موقع غينست للأرقام القياسية وتعتبر اكبر متاهة بالعالم . وتقام على مساحة من الارض تقدر ٦٠٠٠٠ متر .وهي عبارة عن غابة من الأشجار وعليك حل اللغز وإيجاد المخرج ... تزود طبعا منذ دخولك بأرقام وخرائط..

فيقضي السائح يوم ممتع بالغابات.

وان الجدير بالذكر أن هذه الجزيرة استقبلت ٢٠٠ لاجىء عربي  ... حيث تم افتتاح مركز للجوء هناك في عام ٢٠١٤. والشيء الظريف بالموضوع ان شخص من هؤلاء عبر عن أمتعاضه ويحس بالوحدة والخوف !!! لوجوده على هذه الجزيرة ... ويفضل ان يوفر له مكان قريب من العاصمة حيث هناك يتم اتخاذ القرارات بشأن مستقبلة. .

قبل ايام كنت على هذه الجزيرة الرائعة وأخذت بعض الصور... لا يتم الوصول للجزيرة الا عن طريق البحر ... فعلا أخذت الباخرة من مدينه أوذر(Odder) ومن حسن الحظ كان بالإمكان أخذ سيارتي معي داخل الباخرة.

سامسو جزيرة تقدر مساحتها 114.26 كيلومتر مربع ويقطنها 3,900 شخص في 22 قرية.