لماذا خطب بشار الأسد اليوم ؟!
خطب بشار الأسد اليوم الأحد 26 / 7 / 2015 ، خطب كما أوردت وكالة سانا الرسمية مسبقا ، في القصر الجمهوري ، وكان جمهوره حسب المصدر نفسه ( سانا) هو : رؤساء وأعضاء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وغرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة . عنوان ضخم لتتسع صالة في القصر الجمهوري لكل منتسبيه ؛ إلا إذا كان المقصود تقزيم الأسماء والمسميات في سورية ...
لا ننصح بإضاعة الوقت بالعودة إلى الخطاب ، فالخطاب كأكل الأكل المأكول مرارا . إذ ليس عند بشار الأسد ما يقوله ، غير اجترار ما سبق أن مضغه مرارا في خطاباته كلها ، والتي ألقاها دائما في ظل الحماية الدولية المطلقة التي منحته الحق المطلق في قتل السوريين ، بكل وسائل القتل على مدى السنوات الخمس ، ليس فقط بالرصاص الحي والصواريخ الفراغية والبالستية والبراميل المتفجرة بل وبالغاز الكيماوي المتعدد الأسماء . والذي يعتبره المجتمع الدولي سلاحا محرما دوليا لا يستخدمه إلا الإرهابيون ...!!
ولكن يبقى السؤال الأصلي قائما ما الذي يدفع بشار الأسد الذي لا يجد ما يقوله إلى المخاطرة بنفسه والظهور على الهواء ولو لبعض ساعة في حضور هؤلاء الغوغاء ليقول كلاما لا معنى له ولا حاجة له ولا جديد ولا رسالة في بادي الرأي فيه ؟!
إن بشار الأسد الذي لا يزال يرى فيما جرى في سورية مؤامرة كونية ، ينسى أن العالم أجمع يحدب عليه ويحميه ويرعاه . هو نفسه الذي ما يزال يرى في المعارضة السورية مجرد أدوات للعدو الخارجي ، وأن هذا العدو يستخدمها ويحتقرها ، وليس يستخدمه ويظلل عليه ويحميه ، وهو نفسه الذي ما زال يؤكد رفضه لأي حل وسط في هذا الصراع ، فسورية يجب أن تبقى كما كانت عشا لبغاث الطائفيين من كل دين وجنس ومذهب . وهو لا يزال يرى أن هؤلاء الملايين من السوريين هم الإرهابيون الذين يجب القضاء عليهم وعلى حواضنهم الشعبية ، والذي يرى أن الحل السياسي ، الذي تمسك به المجتمع الدولي أوباما وأولاند وكاميرون وميركل وبوتين على رثاثتهم ورثاثته ، لا معنى له . دون أن ينسى بشار الأسد أن يوجه الشكر لإيران الدولة التي حققت انتصارها وإلى إيران المعارضة التي تستحق الإشادة ، كونها إيرانية شريفة كما يراها بشار ، في إشارة ذات مغذى لا يجوز أن تخفى عن قراءة متتبعي الخطاب . بشار الأسد يظهر في قصره وسط دمى التمثيليات الاقتصادية والاجتماعية لأسباب بعضها داخلي وبعضها إقليمي دولي ...
أما على الصعيد الداخلي فقد خرج بشار الأسد في هذا التوقيت الصعب من وضعه المترنح عسكريا واقتصاديا ، ليخاطب ما تبقى تحت سيطرته مما يسمى النخب الاقتصادية ، ليبشر بإنجازات النجاحات الاقتصادية والمشروعات الصغرى والكبرى ، وسط العاصفة ، مع الأنباء المترددة عن عجز حكومة الأسد البئيسة عن دفع رواتب موظفي الدولة ، وقدرتها على الالتزام بذلك على المدى المفتوح . كما تؤكد أخبار الواقع المتابعة للواقع السوري
الوضع الاقتصادي المنهار ، وتوقف إيران عن تقديم المزيد من المليارات بعد أن قدمت المليار الأخير ؛ نظرا للانهيارات في أداء الجيش والحكومة هو الذي دفع بشار الأسد للظهور حرصا في الحفاظ على خيط العنكبوت المتبقي والذي يربط موظف الدولة السوري ، طالب الستر ، بحكومة كان يظنها من قبل حكومة بلده ..!!
بشار الأسد يستبق الحدث ( حدث توقف الحكومة عن دفع الرواتب ) ببشارة كاذبة ، أو بنوع من الحديث عن ( حمل كاذب ) عن مشروعات اقتصادية ناجحة . يريد من خلالها أن يسترسل في استمرار ربط من تبقى من أبناء الشعب السوري به فهل ينجح في ذلك ؟ هل سينتظر ( الكمّون ) سقيا بشار ؟! بعد أن تتوقف الحكومة عن دفع استحقاقات الناس شهرا بعد شهر ؟!
ولم ينس بشار الأسد أن يقدم بين يدي نجواه لهؤلاء المسخرين نوعا من الرشوة تمثلت في إصدار عفو عن الفارين من الخدمة كطريقة من الإغراء للعودة إلى مواقعهم في الدفاع عن مشروع بشار في قتل السوريين وتهجيرهم . ويضرب بشار الأسد لمستمعيه عمن عاد من هؤلاء الأمثال ..
أما على الصعيد الإقليمي الدولي فلعل التغير النوعي في الموقف التركي ، بعد العملية الغبية والحمقاء التي ارتكبها مرتكبوها في منطقة سروج ، والتي دفعت تركية إلى التقدم خطوة بل خطوات في اتجاه أمريكا والتحالف الغربي والتي تعني سياسيا تقدما في اتجاه إيران وفي اتجاه بشار ، وعلى الرغم من كل ما يمكن أن يقال في الرد على هذا الكلام ، فإنه نتيجة هذا التطور فقد شد بشار الأسد ربطة عنقه وأعاد تسريح شعره وخرج ليقول لدول الإقليم كما للمجتمع الدولي : نحن هنا . وسبق هذا الموقف تصريح لكبير دبلوماسيه : سورية مستعدة للتحالف مع الجميع في الحرب على الإرهاب ...
دي ميستورا لم يكن حاضرا في خطاب بشار الأسد إلا بالتسفيه والوصف بالعبثية والحماقة والغباء ، ولعله بل ومن وكله يستحق هذه الأوصاف بل وأكثر قليلا ..
وسوم: العدد 626