عن الذين أرهقهم طول الرقاد..!

لم تستطع سنوات الحكم الفردي المستبد فى مصر الذي أمتد من يوليو 1952 حتى فبراير 2011 أن تضع الأمة على بداية الطريق الصحيح طحن ولا طحين! ولا أتناول هنا الكوارث التي خلفتها السنوات الطويلة التي مرت من عمر هذا البلد الصابر المحتسب.

سقط نظام يوليو إلى غير رجعه بإذن الله.

ولكن مفاهيم يوليو لا تزال عالقة فى النفوس والقلوب ولا ينكر إلا مكابر الأثر الشديد الذي خلفته يوليو فى كل مناحي الحياة. مفاسد كثيرة أخطرها وأشدها – كما يقول البعض – سنوات الرجل الثالث والأخير والمحبوس إحتياطياً والذي يرقد حالياً فى إنتظار حكم القضاء...

أسقط الشعب المصري نظام يوليو.

استطاعت الثقافة الوافدة أن تغير كثيراً من مفاهيمنا عن منظومة القيم العليا التي تحكم المجتمع فصرنا نتعامل مع الدين على أنه فقط داخل المسجد ولا علاقة له بحكم الحياة.

سنوات طويلة من التضليل فتم إبعاد الدين عن حكم الحياة فكانت الهزائم المختلفة تلاحقنا بطريقة ملفتة للنظر. الأمم تتقدم نحو الأمام وأمتنا تعود إلى الوراء (كل الدول الإسلامية بلا إستثناء) مصيبة كبرى (زعماء) لا قيمة لهم من نوعية القذافي الذي ظل يحكم ليبيا لمدة (42) سنة!

وهو حالة شاذة وغريبة ومريبة فى تاريخ الأمة كلها.

نعود إلى موضوعنا.

أسقط الشعب المصري نظام ثورة يوليو الأمريكية وقام بثورة شعبية عظيمة أعادت له كرامته بين الشعوب ولكن الذيول والأتباع وعملاء الداخل على موعد بصفة دائمة مع أسيادهم في واشنطن!!

فقد جاءت الانتخابات الحرة بنظام مرفوض شكلاً وموضوعاً فى نظر الأسياد وكذا الذيول وكانت السكين تشحذ لقطع رقبة القادم ولكن الله بالغ أمره.

فى مصر الآن حاكم منتخب نجح في انتخابات الرئاسة بنسبة 51.8% (حاكم إيران حالياً نجح بنسبة أقل من هذه النسبة)!

هذه هي الديمقراطية! بفرق صوت واحد يتحقق الفوز ويكون الطرف الآخر في مقعد المعارضة في انتظار دورة لخدمة وطنه وليس لسرقته! والواضح أن الأنظمة الإسلامية العربية كلها مشغولة بالسرقة!؟ مصيبة كبرى.

ولأن النظام الحاكم الحالي لا يعرف خيانة الوطن فهو مرفوض من أنظمة كثيرة ويـُتهم بأنه لم يقدم لبلادة شيئاً! ويحمل بمشاكل وأزمات لم يخلقها فكلها إرث نظام يوليو الفاشل الفاشل. ما علاقة النظام الحاكم الحالي بكل ما تركه نظام يوليو من فساد يحاول أن يقتلعه بكل الوسائل فتدبر له الخطط والمكائد لإفساد كل حل يتقدم به! وإبتلاء وإختبار.

نقول للذيول والأتباع والسكاري والحمقي:

لقد حقق النظام الحاكم الآن أمران لا يمكن لعاقل أن يغفل عنها أو يتغافل عنها وهما:

الأول: إنهاء الحكم العسكري للبلاد (ولأنه مر بسلام فهو غير مقدر!).

الثاني: وضع الدستور الدائم. (لا تزال بعض دول الربيع العربي في حيرة وجدال!).

وهو بكل وضوح ما عجز عن تقديمه نظام يوليو الفاسد خلال سنوات القهر والهزيمة والإنحطاط.

أمران عظيمان، إنهاء الحكم العسكري ووضع الدستور الدائم. خلال السنة الأولى رغم كل ما فيها من مآسي وأهوال تسبب فيها أطراف كثيرة لا يزال أهمها على الإطلاق يعمل فى نشاط يحسد عليه رغم تقدم العمر ومحاصرة الزهايمر!!.

أن عودة القوات المسلحة إلى مكانها الطبيعي ووضع الدستور الدائم للبلاد لهما بحق أكبر إنجازات هذا النظام ولو أن النظام لم يحقق سواهما خلال المدة العصبية الماضية لكفاة شرفاً.

أن الذين اتبعهم الرقاد وجني عليهم الترف المرذول فأفسد ما تبقى لديهم من فهم وإدراك، ليس لديهم من الوقت ما يكفي لقراءة الواقع. أنهم غائبون! لذا فإننا نقول لهم:

الأمة تسير نحو الأفضل.

ونقول للمهرج واللص والمزور والعميل لا يغرنك تقلب الذين كفروا فى البلاد. لكل شيء أوان  قد يغيب الحق ولكنه لا يغيب طويلاً.

أقول للعقلاء من أمتى:

لا علينا بالذين أتعبهم الرقاد، لا علينا بالحمقى ورواد البارات واللصوص والعملاء والسفلة.. دعونا من كل هؤلاء.

علينا بالإسراع بوضع القوانين التي تضع القواعد الدستورية موضع التنفيذ وذلك لإستكمال المؤسسات التشريعية (الغرفة الثانية) لابد من إدراك قيمة الوقت الذي ينفقه البعض فيما لا يفيد.

متى نتوقف عن الجدل؟ مطلوب من كل مواطن مصري أن لا يغلب الهوي على مصلحة الوطن العليا. الوطن أولاً.

لابد من مساعدة النظام الحاكم لا أن نقف ضده للمطالبه بإزاحته بالقوة لأسباب تتعلق بأوهام وأباطيل لا تفرزها إلا عقول السكارى. ولا يصح فى الإفهام الواعية أن نحمل النظام الحاكم الحالي أخطاء وبلايا النظام الذي قبله. لا يصح فى الأفهام الواعية أن نقف ضد شرع الله ونهتف لثقافة التدني والهبوط والاسفاف ونقول أن شرع الله هو العائق أمام تقدم الفنون كما قال أحدهم أو أحداهن على قنوات الليل... لا يصح فى الأفهام الواعية أن نترك الساحة الإعلامية للمنحطين والسفلة من المهرجين والقوادين لسبوا شرع الله تحت يافطة خالية من أدب الحوار أسمها حرية الإعلام!.

ومع كل هذا، الأمة تسير إلى الأفضل ولن يكون فى كون الله إلا ما أراد الله له أن يكون.

لن تستطيع الولايات المتحدة الصهيونية أن تفرض هيمنتها على مصر وأن تعيد العجلة إلى الوراء مطلقاً. مصر الآن فى الإتجاه الصحيح. تفوح مصادر السلاح أمر رائع للغاية. كذلك محاولة الاكتفاء من المحاصيل الزراعية وقد بدأنا الطريق بالقمح وتلاه حالياً الذرة.

أتركوا الحاكم يعمل..... أتركوا الحاكم يعمل.

رحم الله مولانا وشيخنا محمد الغزالي الذي قال لحكام العرب:

"(.....) أزرعوا القمح وكلوا (.....)".

معذرة إليكم: لا أستطيع ولا أسمح لنفسي أن أملأ الفراغات.. أتركها لذكاء القارئ.... أتركوا الحاكم يعمل. 

وسوم: العدد 631