صُمُوتٌ

صموتٌ كلهم صموت كأن على رؤوسهم الطير! ومن حجرة مفتوحة على المسرح يدخل موتوكي عازف البيانو الياباني العالمي، بقده المتوسط وشعره المسترسل، قاصداً البيانو المتربع على المسرح وحده، وقد سُلِّطت عليه الأضواء – غير منتظر تحية الجمهور من قبل أن يعمل شيئاً!

كنت قد صليتُ المغرب، ثم تطلعت إليه؛ فإذا شعب من اليابانيين في كل مكان، قد تشققت عنهم الأرض، حرصاً على وافدهم؛ فجلست على أول كراسي المدرج من فوق حتى يسهل علي التفلُّت!

وقف موتوكي مشدود القامة متكئاً بيساره على كتف البيانو.

وهكذا صار يفعل فيما بعد، كلما فرغ من وصلةٍ قبل الدخول إلى مستراحه.

علقتُ أذني بأصابعه وعيني بقدميه؛ فقد وجدته يعزف بقدميه مثلما يعزف بأصابعه، وتذكرت نفسي – رحمة الله وبركاته على نفسي – ألم أكن أُشرك في دندنة موسيقى الشعر العربي قدمي وعصاي! نعم، عصاي ليلى سيدة العصي، التي اتصلت بها روح يدي حتى وضع في حركاتها بعضُ تلامذتي العمانيين النجباء بحثاً موجزاً، انتبه فيه إلى قدرتها على تعليم عروض الشعر العربي للصم!

نعم؛ ألم أجعل نص القصيدة كنوتة العازف، ليصل تلامذتي إلى تجريد الوزن بضربات الأصابع أو الأقلام أو الأقدام!

رأيت موتوكي – رحمة الله وبركاته على نفسي! – وفزعت إلى صلاة العشاء!

وسوم: العدد 631