كان مدخناً !؟
كان لي صاحب وزميل يدخن ما بين المغرب والعشاء ثماني سجائر ، وإذاكنا في سفر ، وصلينا في الفندق يدخن اثنتين ما بين السنة والفرض إذا سبقني للوضوء وجلس ينتظرني !؟
قلت له يوماً ، على استحياء : ياأبا فلان ، قرأت في مجلة أن المدخن يفاجئه الموت دون إنذار !؟
فقال : ياسلام ياسلام ! ميتة بدون مرض وعذاب !؟
بقي سنوات طويلة لا يسافر إلى سورية ، وقد سأله بعض زملائه عن السبب ؟
قال : متهم بالانتماء للإخوان المسلمين ! فتعجبوا !؟
فأقسم إنه طول عمره خطب الجمعة مرة !؟ وحضر بمناسبة المولد النبوي مرتين !؟
توسط له بعض معارفه بالنزول إلى سورية عن طريق ضابط مخابرات ، فلما وصل لم يجد الضابط ، فأدخله أحد العناصر إلى زنزانة منفردة لينتظره ريثما يعود !
فحضر الضابط في اليوم التالي وسأله لماذا لم تأتِ يوم أمس ، فأخبره أنه بات في الزنزانة !؟ فقال : لاتؤاخذني نسيت أن أخبرهم أنك من معارفي !؟ ( وقد ذكرت هذه الحادثة في روايتي : خميس في بلاد العجائب )
ثم استقر سنوات في بلده ، يترقب المنية أو الاعتقال !؟ وسأله صديق لنا ، ماذا تفعل في يومك ؟
فقال : أقضي وقتي بقراءة جريدة تافهة ، وأدخن ، وأتقاتل مع زوجتي وأخرج من البيت !
رحمه الله كان له قلب كقلب طفل ! وقد ترك ديوناً له على أشخاص وسافر ، فارهقني في تحصيلها ، وأوصاني أن آشتكي عليهم إذا لم يدفعوا !؟
فصارت مثلا ًبعد مغادرته ، لدى الزملاء : أبو فلان يقرض من يعرف ومن لايعرف ، وفلان يُحصل !؟
رحمه الله ! كلما خرجت من المنزل باتجاه المسجد ، ووقعت عيني على طرف الحوض المزروع حيث كان يجلس وهو يدخن ، ينتظرني ! دعوت له بالرحمة وأن يغفر الله لمن جاوره في قبره من المدخنين و غير المدخنين !
وسوم: العدد 632