حقاً أنا رجل فقير...
المال العام عند إبراهيم عبود .. مقتبس من كتاب العقيد أ.ح. محجوب برير محمد نور:
"عرض السيد مبارك زروق بوصفه وزيراً للمالية – بعد ثورة أكتوبر - على الرئيس عبود تخصيص مبلغ من المال؛ يكفي لبناء منزل يليق بمكانته كرأس دولة؛ بقي على رأس قيادة سلطة الحكم لست سنوات طوال عراض (and Rich) وتنازل عنه طوعاً واختياراً، وهو لا يملك منزلاً صغيراً كغيره من عامة المواطنين، وهمهم الحضور بموافقة جماعية، بل وتصايح البعض منهم فرحاً بالاقتراح الحكيم. لكن الرئيس عبود أذهل الجميع!! حيث رفض العرض في ...إباء وفي شمم وقال: (حقاً أنا رجل فقير؛ لا أملك سوى راتبي الشهري المحدود؛ غير أنني لا أرضى لنفسي كما كنت لا أرضى لغيري .. أن يُستباح المال العام لأغراض شخصية. وكل ما أرجوه هو أن أتقاضى راتبي التقاعدي المنصوص عليه قانوناً، وأرجو هذا أيضاً لإخوتي في المجلس الأعلى والضباط الذين أُحيلوا للتقاعد، وكذا أفراد الخدمة المدنية. وأعلم يقيناً أنهم في غالبيتهم لا يملكون قوت شهرهم بدونه).
فاستجاب الوزراء لرجائه، وقد بلغ بهم التأثر والإنفعال مداه، ثم سألوه إن كان يود الإقامة في مسكن حكومي مناسب طوال حياته، وسيكون هذا حق من بعده وسُنّة متبعة لمن يشغل منصب رأس الدولة. فاعتذر الرئيس عبود عن قبول هذا العرض أيضاً!! وأخبرهم أنه سيقيم مع الأستاذ الفاتح عبود المحامي، أحد أقربائه حتى يتسنى له في قابل الأيام تشييد دار خاصة به مع أفراد أسرته، إذا أمد الله في عمره أو يتولَّى ذلك أبناؤه من بعده، إذا سبق الأجل!!
ولم يجد الوزراء أيضاً إلاّ النزول على رغبته وإصراره، وودعوه بمشاعر الإجلال والإكبار، بعد أن تأكّد لهم بصورة قاطعة تجرده الوطني وأصالته وعفته ونقاء سريرته.
عندها قال المحامي مبارك زروق في انفعال ظاهر قولته الشهيرة: (نحن نفاخر ونتباهى بزعماء العالم السياسيين من أمثال غاندي ولنكولن وديغول وشيرشل وسعد زغلول وغيرهم؛ لطهرهم وفعاليتهم؛ ونتخذهم قدوة وننسى أنفسنا ثم أردف بالإنجليزية I cut my hand if those whom I mentioned are not far beyond this man) الترجمة: (أقطع ذراعي لو أنّ هؤلاء الزعماء أفضل من عبود)". انتهى الإقتباس من كتاب العقيد أ.ح. محجوب برير محمد نور.
وسوم: 638