رمضان هذا العام
جميل السلحوت
هلّ علينا شهر رمضان هذا العام وطائرات الاحتلال تقصف قطاع غزة مع السّحور، وقواته البرّيّة وأذرعه الأمنيّة تستبيح أراضي الضّفّة الغربيّة، وتعيث فيها عدوانا وتخريبا وحصارا واعتقالات وحواجز عسكريّة، وبرنامج اقتحامات المسجد الأقصى شبه اليوميّة تسير هي الأخرى كما هو مخطّط لها.
ولسنا بحاجة الى التذكير بأنّ صيام شهر رمضان هو فريضة على كلّ مسلمة ومسلم بالغ وعاقل، وهذه الفريضة هي واحدة من أركان الاسلام الخمسة المعروفة، فلماذا الاحتفالات بالصّيام دون غيره من الفرائض؟ ولماذا لا تقام احتفالات لمن يصلّي ويحجّ البيت العتيق، ويخرج زكاة أمواله وينطق بالشهادتين؟ فالقيام بالفرائض واجب عينيّ على المكلفين، ولا يحتاج المرء الذي يقوم بواجباته الى احتفالات. واذا كانت هناك عادات وتقاليد موروثة من عصور سابقة عند القيام بالواجبات الدينية، كما يحصل في استقبال حجّاج بيت الله عند عودتهم الى ديارهم، فانّ البعض لا يؤدّي الفريضة طلبا للغفران، وإنما من باب الرّياء الاجتماعي، حيث نرى اعلانات وداع واستقبال الحجاج تملأ الصحف المحلية، تماما مثلما نرى مئات برقيات ورسائل التهاني بشهر رمضان من أناس كثيرون منهم لا يصومون الشّهر ولا يؤدّون الصلوات الخمس، ولا يخرجون زكاة أموالهم، ولا يتوقفون عن أكل حقوق الناس.
ونحن هنا نتساءل عن التّهاني والتبريكات بالشهر الفضيل؟ واللازمة المتكرّرة دوما في هكذا مناسبات وفي الأعياد الدينية وغيرها وهي:"كل عام وأنتم بخير" فهل هناك خير لشعب وطنه محتل؟ وهل يترك الاحتلالُ المواطنَ الفلسطينيّ وشأنه ليعبد ربّه؟ وفي الحقيقة التي نراها على أرض الواقع فإنّ الجواب بالنّفي، فالاحتلال لا يكتفي باستباحة المسجد الأقصى وتدنيسه بشكل يوميّ مبرمج، بل يتعدّى ذلك إلى منع ملايين المؤمنين المسلمين الفلسطينيّين من أبناء الضّفة الغربية وقطاع غزة المحتلين من الوصول إلى هذا المسجد الذي هو ركن من العقيدة لآداء الصلوات فيه، تماما مثلما يمنع مسيحيي تلك المناطق من آداء الصلوات في كنيسة القيامة.
والحواجز العسكرية الاسرائيلية تعيق حركة الفلسطينيين في التنقل بين مدنهم وقراهم ومخيماتهم، وتمتهن كرامتهم، والاقتحامات العسكرية الاسرائيلية لبيوت الفلسطينيين تروع المدنيّين بمختلف أعمارهم. والطائرات العسكرية الاسرائيلية تزرع الموت والدمار في قطاع غزة. فهل هذا هو الخير الذي ندعو بأن يتكرّر كلّ عام؟
إنّ الخير الذي ننشده ونسأل الله أن يتحقق هو الخلاص من الاحتلال ومخلفاته كافة، وأن يتمكن شعبنا من حقه في تقرير مصيره على ترابه الوطني وإقامة دولته المستقله بعاصمتها القدس الشريف. وما استمرار الاحتلال كلّ هذه السنوات إلا وصمة عار في جبين الانسانية.