إذا ارتفع نُواح العاطفة .. غاب صوت العقل
هذا ما كرّس ويكرّس كثيراً من الوثنيات في تاريخ البشرية، فاستخدام قنطرة العاطفة للإقناع بشيء لا يُعقل، أو لإلباس الباطل لبوس الحق والعكس، شائع حتى في حياتنا الاجتماعية فضلاً عن الدينية.
مثلاً.. استخدم (شاول) أو (بولس) اليهودي الفرّيسي الحاقد على المسيحية، قصة الصلب المفترض للمسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام بعد أن شُبِّه لهم، وأركب المسيحيين مركبَ العاطفة الناتجة عن المظلومية بصلبه المفترض، لإقناعهم بأنه - عليه السلام - ابن الله الذي ضحّى به، ليفتدي مَن يؤمن به بهذه الصورة مِن خطيئة آدم وحواء عليهما السلام! وقد كان هذا أولَ تحريف حاد بالمسيحية عن توحيد الله تعالى، وتم فيه تأليه رسول الله عيسى عليه الصلاة والسلام.
وكذلك استغلّ المستغلّون مظلومية آل بيت محمد صلى الله عليه وسلم على يد الأمويين، واستشهاد الحسين بن علي رضي الله عنهما بالصورة المبكية المعروفة، لمحاولة حرف الإسلام عن التوحيد كما حصل مع المسيحية، فأعمت عاطفة المظلومية أعين فئة من المسلمين، وقُدِّس الأئمة من آل البيت إلى درجة التأليه، واختُرعت أساطير لا يقبلها عقل ولا يؤيّدها نقل، ليس المهدي المنتظر إلا جزءاً منها!
ولكنْ.. لأنّ تحريف كتاب الإسلام سيلزمه مجيء رسول من عند الله بكتاب جديد، يصحّح ما طرأ من تحريف على معنى التوحيد.. ولأن الإسلام خاتم الرسالات.. ولأن الوحي قد انقطع عن الأرض أبداً بعد وفاة خاتم الأنبياء والرسل.. لهذا كلّه.. تكفّل الله بحفظ كتابه الأخير، حتى يبقى الحقّ بيّناً واضحاً قائماً على البشرية بالحجّة، مهما تلاطمت بهم الأهواء، وتفرّقت بهم السُّبل.
اليوم أيضاً.. تستغل الحركة الصهيونية مأساة المحرقة النازية (الهولوكوست) بحق اليهود، لاستدرار العاطفة وتطويع سياسات الغرب واستنزاف أمواله، لارتكاب هولوكوست مشابه بحق الفلسطينيين!
باختصار.. لا تدع العاطفة تغيّب عقلك.. فتوردك أو تورد مَن تحبّ المهالك..
وتذكّر أن عاطفة الأمومة أحياناً - بدون إسناد العقل - تُفسد مِن حيث أريدَ الإصلاح!
وسوم: 641