ذكريات مؤلمة
- عند باب النصر في حلب ذكرياتنا فيه لايمحوها الزمان .. أليس فيه دار اﻷرقم .. من من شبابنا يعرف عن دار الأرقم القديمة ودار الأرقم الحديثة ؟ .
أسأل بحسرة .. هل بقي سوق الخابية على حاله ؟ هل فندق قصر الرشيد على العهد به ؟ أم طاله برميل متفجر ! هل عوجة الكيالي كما عرفتها ! أم صارت عوجة الدماء !! أليست قريبة من السبع بحرات مسرح البطولات ومهبط البراميل .. ياحسرة على مسجد قرب فندق الشيرتون ! أزيل المسجد وبقي الشيرتون ؟ .
الساعة في باب الفرج رأيت قربها الجنود السوريين يقودون لواء مصري في اليوم الأول من الانفصال .. قرب الساعة (المكتبة الوطنية) حيث كان" عمر أبو ريشة " يهدر على شرفتها :
أمتي هل لك بين الأمم
منبر للسيف أو للقلم
أي جرح في إبائي راعف
فاته اﻵسي فلم يلتئم
كيف أغضيت على الذل ولم
تنفضي عنك غبار التهم
لايلام الذئب في عدوانه
إن يك الراعي عدو الغنم
ويتحدث عن هنانو ويشير إلى قبره معزيا
- ويهتف شاعر آخر "بدوي الجبل " :
سأل الصبح عن أخيه المفدى
أيها الصبح لن تشاهد سعدا
حشدوا جندهم وأقبل سعد
يحشد البأس والعقيدة جندا
ومن سعد هذا ؟ هو من سميت ساحة الجسر بحلب باسمه فصارت ساحة سعد الله الجابري .
إنه رجل وليس كالرجال .. وزعيم ﻻكالزعماء
.. كان مجاهدا تفخر به الأمة ، ويعتز به الوطن كان مثالا في النزاهة ، وقدوة في الأخلاق والنبل . إنه من رجالنا العظام ، وله في تاريخ سوريا صفحات مشرقة .
إن تاريخنا يشرفه ابن كفر تخاريم .. كنا صغارا ولانعرف من هو هنانو ؟ وإذا مررتم اليوم بمحلة الفيض فألقوا عليه السلام ، فأسمه يشرف كل من يقول أنا سوري .. على الحصان قاتل فرنسا وببندقية قديمة كان يصول ويجول في قرى جبل الزاوية ، وقد هدمت البراميل الروسية بالدعم الإيراني هذه القرى وأبادتها ، كما قصفت سلمى !! ولم تبق لنا ﻻ سلمى وﻻ ليلى .. وحسبنا الله ونعم الوكيل .
- كنا نسافر من حلب مرورا بحمص فالرستن والقارة ودير عطية والنبك والقطيفة ودوما وحرستا فشارع بغداد فقلب دمشق في المرجة. من يسلك الطريق الآن لايعرف أين دوما ولاأين حرستا وﻻ أين خان شيخون وﻻ المعرة .. يمر الإنسان بين خرائب توصله إلى خرائب .
الداخل إلى دمشق لايعرف أين هي معضمية الشام ؟ أين داريا ؟ أين كفربطنة ؟ أين التل ؟ أين العين الخضرا ؟ أين مضايا ؟ أين بقين ....
لقد دمرت ثورة آذار الأخضر واليابس ، وصرنا نترحم على أيام فرنسا .. أمن وأمان ولو في ظل العلم ذي اﻻلوان الثلاثة .. أيام الحكم الوطني القصير ، يوم كان القصر الجمهوري في المهاجرين وساكنه هاشم بيك اﻷتاسي ابن حمص المدمرة والمحاصرة اليوم !! .
أيام برلمان يرأسه حلبي ، ويصول ويجول فيه معمم وطربوش ، يوم كان النواب إذا نطقوا التفت إليهم الزمان .. يوما كان اﻷعلام على كراسي الحكم : كالخوري والعسلي والحوراني ، يوم كان وزير داخليتنا قنبر وكان يخيف بطربوشه اﻷحمر أعداء سوريا والدول المجاورة .
يازمانا بكيت منه فلما
صرت في غيره بكيت عليه
وجاءنا العسكر وقد انخرطوا في السياسة وتتلمذوا على ميشل عفلق ، وفي أيديهم رشاش اشتريناه من لقمة عيشنا فارتد إلينا يخيف ويدمر .
ياحسرة على أيام كان فيها وزير العدل الشيخ ( مصطفى الزرقا ) فكان كل صاحب عمامة منصوب القامة مرفوع الرأس ظهره محمي طالما صاحب عمامة وزير للدفاع ( الشيخ معروف الدواليبي ) اعتقله صبي من أبناء الباب مع فرقته العسكرية واقتاده للمزة وهو بلباس النوم ولم يسمح له بتبديل ملابسه ؟؟! لذا ترك بلده وصار في الديوان الملكي السعودي مستشارا للملك الذي هو درة في تاريخ آل سعود ولمن بعده من الملوك .
وصدق حافظ إبراهيم في قوله :
أمة قد فت في ساعدها
بغضها اﻷهل وحب الغربا
وهي واﻷحداث تستدفها
تعشق اللهو وتهوى الطربا
ﻻتريد اﻹسلام الصحيح فصارت كغثاء السيل ، كانت تحكم من الخضراء البيت اﻷموي ، صار يحكمها صبيان وغلمان .. صلى الله عليك ياأبا القاسم .. ياعلم الهدى فقد حذرت من إمارة الغلمان من ألف وأربعمائة سنة . وحسبنا الله ونعم الوكيل .. وبعد كتابة هذه السطور بكيت طويلا .. ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وسوم: العدد 652