شاعر من عين كارم

clip_image001_9caf3.jpg

«عبدالله خليل شبيب» شاعر مقدسي من «عين كارم» في جوار الاقصى الشريف، ومثقف متعدد الاهتمامات، تخرّج في جامعة القاهرة «ماجستير آداب» اوائل الستينيات، حيث كان يختلف الى مجلس العقاد ويعقد اوثق الصلات مع رجال اعلام مثل محمد خليفة التونسي، ومالك بن نبي، ومحمود محمد شاكر، ولعل اشتغاله في التدريس والتدريب والادارة التربوية في الاردن والامارات العربية والكويت ان يكون نأى به عن الصحافة الادبية وذلك بعد ما كان من حضوره في مجلة «الافق الجديد» المعروفة، ولكن ذلك لم يمنعه من كتابة الشعر بين الحين والاخر، اضافة الى مقالاته الاجتماعية والسياسية في صحيفتي «المجتمع» و»البلاغ» الكويتيتين، حيث كان مدير تحرير للثانية اواخر الستينيات وما يزال يمارس الكتابة فيها.

الاستاذ عبدالله شبيب شاعر ملتزم بقضايا امته، وصاحب رؤية متراحبة الابعاد، تمتد من مطالع البعثة المحمدية الى يوم الناس هذا، وكما يرى الاستاذ الدكتور عمر الساريس (رحمه الله) في مقدمة ديوان «بوارق الامل» المشتمل على مختارات من مجموع اعمال الشاعر في نصف قرن من الزمان، فإنه قد توافر لقصائد عبدالله شبيب القيمة الفنية والقيمة التاريخية في ديباجة واحدة، ونحن نلمس هذا في قصائده: «في ذكرى الهجرة النبوية» و»اطفال الارض المحتلة» و»ثورة الجزائر» و»كفكف دموع القدس» و»سقوط بغداد».

ففي «ذكرى الهجرة النبوية» التي مطلعها:

ردّدي يا قرون رَجْعَ قصيدي

ردّدي مدحَ أحمدٍ وأعيدي

فهو نور الأكوان مفخرة الدنيا

وترنيمُ صبحِها الغرِّيدِ

نقرأ له الابيات التالية التي تهيب بالامة ان تنهض لاحتمال التبعات ودفع الظلمات:

هذه هجرة الرسول ضياءٌ

لشعوب الاسلام في كلّ عيدِ

كلّ عام تهلّ بالنور والايمانِ

تدعو الى الكفاح المجيدِ

وتنادي في المسلمين: أفيقوا

وانهضوا من سُباتكم والرقودِ

حرّروا أرضكم من الرقّ والطغيان

والبغي، والهوى، والجمودِ

انفروا، انفروا خِفافاً ثِقالاً

وابذلوا كل طارفٍ وتليدِ

كيف تُدعَون مسلمين وانتم

فيكمُ كلُّ ظالمٍ وكَنُودِ

كيف تُدعون مسلمين وفي أرضِ فلسطينَ

عصبةٌ من يهودِ

دنّست أرضها وداست حِماها

واستطالت على بنيها الصِّيدِ

وغدا المسجدُ المطهّر وكراً

للبغايا ومسرحاً للقرودِ

الى ان ينتهي، في خاتمة هذه القصيدة التي تبلغ، مشتعلة بنفسٍ واحد، اكثر من ستين بيتاً الى قوله:

تَبِعاتُ الإيمان أكرم قَدْراً

من كلامٍ مزيّفٍ مردودِ

فابذُلوا النّفْسَ والنفيسَ تنالوا

أعظم الأجرِ في جنان الخلودِ

وأعيدوا الى فلسطين والاسلامِ

ماضيهما بصُبحٍ مجيدِ

انه شعر واضحٌ، لا غمغمة فيه، ولا تنطّع، ولا أي شيء من ملتبس المعاني، وهو يأتينا من رحاب الاقصى.. من عين كارم الصابرة المحتسبة.. ليؤكّد مَضاءَ الارادة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، وأن فَجر فلسطين قادم لا محالة ونهارها العربي الماتعَ في المدى المنظور من هَمَم المقاومين وإرادات المجاهدين.

يَظلّ لنا، في خاتمة هذا الحديث ان نشير الى ضرورة جمع مقالات الاستاذ عبدالله شبيب عن الأعلام الذين عرفهم في القاهرة والكويت وغيرهما من الاقطار العربية، ولا سيما عن العقاد رحمه الله ومجلسه الذي كان يضم كبار رجال الفكر والأدب في مصر، وهي مقالات تبلغ أن تكون كتاباً كبيراً ننتظر أن نقرأه بشغف، فعسى أن يكون وشيك الصدور.

مع التحية والتقدير لعبدالله شبيب، شاعراً ومربّياً وصديقاً كريم.

وسوم: العدد 653