الأمر بالمعروف...

د. حامد بن أحمد الرفاعي

بكل تأكيد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..من أبرز مقاصد رسالة الإسلام في الحياة..ولكن ما هو المعروف ..؟وما هو المنكر..؟وما هي معايير المعروف وما هي سمات المنكر..؟لا شك أن البشر أفراداً ومجتمعات على تنوع مختلف في تعريف المعروف والمنكر وفي تحديد معاييرهما..فما هو من المعرف عند قوم..قد يكون من المنكر عند آخرين..وما هو من المنكر عند بعض المجتمعات.. ربما يكون من المعروف عند آخرين..وهل ترك الإسلام تجلية هذه المسألة الأساس للأهواء والأمزجة ..؟أم ماذا ..؟وجواباً أقول:تناول علماء الأمة هذا الأمر وأذكِّر ببعض ما انتهوا إليه بهذا الشأن حيث حددوا معنى المعروف لغةً ومصطلحاً فقالوا:"اسمٌ لكلِّ فِعْلٍ يُعْرَفُ حُسْنُه بالعَقْل أَو الشَّرْع وهو خِلافُ المنكَر"ولمزيد من التوضيح قلت في كتابي شركاء لا أوصياء وغيره من كتبي:)أن المعروف كل ما عُرف خيره وتعين نفعه لحياة الإنسان  وحريته وكرامته ومصالحه وأمنه..وكل ما يعضدُ أسباب وسبل ارتقاء الحياة وسلامة البيئة..والمنكر كل ما عُرف شره وتعين ضرره لحياة الإنسان وحريته وكرامته ومصالحه وأمنه وكل ما يتناقضُ ويحول دون ارتقاء سبل الحياة وسلامة البيئة..فالمعروف والمنكر أمران متضادان لا يجتمعان) ولكن ما هي مرجعية تحديد الخير والشر ..؟بكل تأكيد لكل أتباع دين وثقافة مرجعيتهم في تحديد الخير والشر..ونحن المسلمين لنا مرجعيتنا  في ذلك هي قرآن ربنا جلَّ شأنه وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم والنصوص في ذلك نوعان:محكمٌ وظنيٌّ..والمحكم يفسر الظني ويحكمه وهو موضع قبول بالإجماع..فالعدلُ وقدسية حياة الإنسان وكرامته وحريته ومصالحه والأمن والسلام فهي قيم جليلة مما تؤكدها محكمات النصوص..وهي مما ينبغي أن تكون موضع قبول والتزم في التمييز بين الخير والشر..فكل سلوك يؤيد تلك القيم ويأتي بها فهو في الإسلام من الخير بلا شك ولا مراء..وكل سلوك يتناقض مع تلك القيم ويأتي بخلافها فهو من الشر قطعاً..ولكن السؤال الذي يبقى ملحاً:منْ المعني في تحديد معايير وسبل وآليات تنفيذ ذلك..؟بكل تأكيد الدولة وولي أمر المجتمع ومؤسساته المعتمدة..فالدولة معنية في إصدار نظم وقوانين ولوائح تنفيذية محددة بهذا الشأن لا لبس فيها ولا غموض..تنهي حالة التخبط والمزاجية حيالها..فإن لم تفعل الدولة وترعى بحزم هذه المسألة..فسيبقى الأمر متروكاً للأمزجة والغيرة الحمقاء التي ولّدت في جاهلية العرب جريمة وأد المرأة..وتلك فتنة مفتوحة نحو كل شر وهلاك..والخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه قال من وراء القرون:"إنَّ الله ليَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن"والله المستعان.

وسوم: العدد 653