عصر الانحطاط الثاني
قال أحد شعراء عصر الإنحطاط الأول ؛
قفا نبك من ذكرى قميص وسروال ودراعة لم يعف رسمهـا البـال
إخواني هذا نموذج لشعر من عصر الإنحطاط الأول يقلد فيه ناظم البيت شعر امروء القيس.
هذا البيت الشعري بنظري أفضل ألف مرة من أدبيات عصر الإنحطاط الذي نعيشه هذه الأيام .
أعزائي القراء..
نحن في عصر إنحطاط يتفوق على عصر الإنحطاط الذي ضرب الأمة والذي بدا بسقوط بغداد في عصر المغول بألف مرة.
اليوم هو يوم الأحد وهو يوم عطلة، تفقدت بعض مواقع شبيحة حلب لأطلع على ردة فعل بعضا منهم حول وفاة أنيسة مخلوف زوجة قاتل وأم قاتل. فوجدت عجبا عجاب ، الدموع سالت على الخدين ومحارم الكلينيكس فقدت من الأسواق وبرقيات التعزية الفيسبوكية لها أول وليس لها اخر .
ثم سالت نفسي ماذا سيحصل لهؤلاء اذا نفق بطل تدمير الوطن الذي فتح أبوابه لكل عصابة مارقة طامعة في هذا الوطن فقتلت نصف مليون إنسان وشردت سبع ملايين إنسان ودمرت ثلاث ارباع الوطن ، فعلا ماذا سيحصل لهؤلاء المرتزقة أصحاب الدموع المزروفة على أم قاتل وزوجة قاتل؟، ماذا سيحصل لأولئك الذين شاركونا في غفلة من الزمن شارعا واحدا في حي واحد في مدينة واحدة حيث لم نكن نعرف مقدار غدرهم حتى وجدنا شماتتهم عند مقتل كل طفل لنا في حي شعبي مجاور ووجدنا ضحكتهم عند كل برميل او غارة لسوخوي ٣٥ ترمي حممها على سوق شعبي رواده من البسطاء.؟
أعزائي القراء ..
فعلا نحن نعيش عصر إنحطاط جديد تفوق بجدارة على عصر الإنحطاط الذي رافق سقوط بغداد على أيدي المغول .
يومها تداول الناس قصصا فظيعة على ما آلت اليه حال الأمة حيث قيل ان المغولي كان يطلب من المسلم أن ينتظر في مكانه لريثما يشحذ سكينه حتى يذبحه فينتظر المسلم المسكين مكانه حتى يعود المغولي بسكينة المشحوذ ويذبحه،
رغم تلك الأيام السوداء التي وصلت اليها حال الأمة ، الا أني على يقين أن عصرنا الحالي هو أشد إنحطاطا من تلك الأيام.
ففي عصر الإنحطاط الاول كان هناك تضامنا بين سكان بغداد يطعمون بعضهم ويواسون بعضهم ، أما في عصرنا الحالي حيث يهلل البعض من سكان مدننا في أحياء مايسمى باحياء الأكابر عند كل برميل يقطع أوصال اطفالنا ويرفعوا اعلام روسيا والأسد والملالي عند كل غارة على بقايا مدننا المهدمة فلايستطيع رجال الإنقاذ إخراج سوى بقايا أقدام وأصابع وأطراف أطفالنا.
إننا نعيش عصر إنحطاط أخلاقي وإجتماعي ووطني وأدبي وإقتصادي ، إنه باختصار كوكتيل من الإنحطاط.
إننا نعيش حالة فقدان وعي قل نظيره بالتاريخ ، إننا نعيش حالة إنتحار ذاتي لم يحصل شبيها لها عند باقي الأمم.
عصر الإنحطاط الأول إنتهى بوعي أعاد الأمة الى طريقها.
ونحن مارلنا ننتظر حالة وعي تعيد شرف أمة كاملة الى الوجود .
نعم هناك حالة وعي ولكنها ليست على نطاق الأمة بل على نطاق وطن وحيد إسمه سوريا نذر نفسه للدفاع عن شرف مفقود لأمة كاملة في الوقت الذي تنشغل فيه هذه الأمة بنتائج برنامج ستار اكاديمي او بتعمير أرجيلتها وهي تستمتع بأغاني عصر الإنحطاط من أقنية الصمود والتصدي .
وسوم: العدد 654