عندما يتضخم الجهل!
شغلتني هذه القضية طويلاً ، ولا يزال الخلط بين حرية الاعتقاد وحرية التعبير على اعتبار أن الأخيرة تدخل ضمن حرية الاعتقاد! وهذا من أعظم المخاطر التى تتعرض لها الأمة من مشرقها إلى مغربها.
لقد فصل الحق تعاظم وارتفع في قضية الاعتقاد فقال سبحانه:
" لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ " البقرة : 256 " أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " يونس : 99 أي عدم إكراه أحد على ترك دينه أو إكراهه على عقيدة معينة.
أما حرية التعبير بمعنى الدعوة إلى إضعاف الدين والخلق أو الترويج للإلحاد أو الزندقة فهي الشيء الوحيد الذي حرمه الإسلام باب الحديث عن حرية الرأي ويقول العلماء في هذا الخصوص:
"ولا يشك عاقل في أن أى دعوة لضعف الدين، أو انحطاط الخلق أو ترويج للكفر والإلحاد ، والزندقة ـ دعوةخبيثة يجب مصادرتها والحجر عليها" من كتاب الإمام سيد سابق عناصر القوة فى الإسلام ص 142 ط 1973.
ويقول العلامة عبد الله بن زيد:
"وعلى قدر انتشار هذه الفكرة (أي فكرة حرية الرأي) يتضخم الجهل ويستفحل الكفر وتسود الفوضى في الجماعات والأفراد حتى تكون من أقوى عوامل الإنحطاط وفساد العقائد والأعمال لهذا كان من الواجب على علماء المسلمين وعلى القائمين بتحرير الجرائد وتعميم نشرها، بأن يبينوا للناس فساد هذه الفكرة وما ينجم عنها من المضار فى الأخلاق والأعمال وأنهم يقودون الأمة إلى مهاوى الجهالة ويبثون بين الناس عوامل الفساد والسفاهة في كل ما يزيغهم عن معتقدهم الصحيح ويقودهم إلى الإلحاد والتعطيل أو إلى الفوضى اللادينية والأخلاق البهيمية لكون أحدهم يفضل الإباحة المطلقة على كل ما يقيد الشهوة من عقل وأدب ودين. والعامة بما طبعوا عليه من الجهالة والسذاجة وعدم الرسوخ في العلم والمعرفة قد يعتقدون صحة ما يقول هؤلاء خصوصاً عند سكوت العلماء عند مساوئها فتتغير بذلك عقولهم وعقائدهم وينقادون إلى داعي التضليل والتمويه ص 37 من كتابه (حكمة التفاضل في الميراث) ط 1982 مصر ويقول الشيخ عبد الله أيضاً:
"فالاعتداء على عقيدة المسلمين أو آداب دينهم باسم الحرية بأن يتعرض لذم الدين والطعن فيه بما يستدعي صد الناس عنه والفتنة فيه فهذا لا شك أنه أشد من الاعتداء على الأنفس والأموال إذاً الفتنة في الدين أشد من القتل" ص 42.
ويقول أيضاً عن دور العلماء والأمراء:
"بأن يردوا كل من شذ في أخلاقه وتصرفاته بدعوى الحرية بأن يردوه إلى حظيرة الحق ويلزموه بالوقوف على حدود الشرع والعدل والأنظمة والقوانين إذ القيام بذلك أمانة في أعناق العلماء والأمراء والناصحين المصلحين" ص 42.
إن حرية الاعتقاد حرية مطلقة كما أرادها الله سبحانه وتعالى:
" فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ " الكهف : 29.
وسيحاسبنا الله على اختيارنا أما حرية التعبير فهي نسبية يضعها المجتمع من خلال أجهزته الرقابية التي تحكم حرية التعبير وتقدم من يتجاوزها إلى يد العدالة وإلا فأنها الفوضى بعينها.
وسوم: العدد 654