الجلاء .. ومشروع الدستور ..

يتحدثون كثيرا هذه الأيام عن صناعة، أو تفصيل دستور لسورية . الروس متحمسون جداً، والأمريكان لا يمانعون، والسوريون غائبون ؟؟....

حين كنا نرتب مهمات المرحلة الانتقالية، وكما جاء في وثائق معظم هيئات المعارضة، خاصة مؤتمر القاهرة للمعارضة ـ تموز 2012،  كان موضوع الدستور يلي تشكيل الجسم الانتقالي والحكومة التابعة له، وعلى أساس تشكيل جسم تشريعي يقوم بإعداد الدستور وطرحه على الاستفتاء العام خلال زمن لا يتجاوز الستة أشهر، ليصبح دائماً..

ـ بين الفترتين : فترة الانتقال وإعداد دستور دائم كانت الأغلبية ترى ـ كمرجعية ـ اعتماد دستور سورية لعام 1950 أو 1951 مع بعض التعديلات، ويجيء ذلك عبر إعلان دستوري يشرعن هذه العملية الدستورية .

ـ الدستور لا بدّ أن يكون صناعة سورية خالصة لأنه الاستناد القانوني ، الشرعي للدولة التي يحدد طبيعتها ونوعية السلطات فيها، وعلاقاتها الناظمة، وحقوق المواطنين وواجباتهم، وأسس هيكلية الدولة وفواصلها الواضحة عن النظام القائم، والسلط التنفيذية

ـ والسوريون قادرون، بما يمتلكون من أساتذة ومشرعين مشهورين، واختصاصيين في القانون الدستوري، وفي الأمور القانونية..أن ينجزوا ذلك في زمن قياسي..

فلماذا يريدون خياطة دستور لنا، وبشكل مسبق للعملية الانتقالية ؟؟؟..

ـ الروس يحتجون بقصة الضمانات المسبقة لتحديد هوية، وطبيعة الدولة السورية القادمة ، ومعهم الأمريكان ضمناً، وكنوع من التسييج بدعوى الخوف من سيطرة قوى إسلامية، وإسلامية متشددة تفرض، بالقوة، أو بالاكتساح والنفوذ دستوراً على قياسها، إسلامي الطابع، والمنشأ، والخلفية الإديولوجية، وبما يعني ـ بنظرهم ـ تجاوز صيغة القرار 2254 الذي يتحدث عن حكم ذي صفة وغير طائفي، وادعاء حماية الأقليات والمكوّنات مسبقاً عبر ضمانات ثابتة ..

لكن الوجه الآخر لعملية الإصرار على صياغة دستور مسبقاً، وقبل الاتفاق على جوهر العملية الانتقالية، ومن قبل قوى خارجية يعني أمرين متراكبين :

ـ الأول يرتبط بعملية إهدار الوقت وتمييع العملية السياسية بإيجاد وسائل للتسلية والإلهاء يمكن أن تمتدّ وقتاً طويلاً في مناقشات وخلافات وصياغات معينة يستنزفون فيها وضعنا، وصبر الوفد المفاوض، ويضعوننا أمام مفروضاتهم .

ـ والثاني يتعلق بالتدخل السافر في أمر سيادي يعود للسوريين وحدهم حق البتّ به عبر خيارهم الحر، وبما يلبي طموحات الشعب، وجوهر مبادئ الثورة في الكرامة والحرية وإقامة النظام التعددي، الديمقراطي، نظام المساواة التامة في الحقوق والواجبات لجميع السوريين على اساس المواطنة ـ وحدها ـ بغض النظر عن الجنس، والإثنية والقومية، والدين والمذهب ..

ـ لقد انتزع شعبنا استقلاله في مثل هذا اليوم قبل أكثر من سبعين عاماً، رافضين أي تدخل في صياغة دستور البلاد، وإقامة النظام الديمقراطي الذي عرفته سورية في الخمسينات.

ـ اليوم يقدّم الشعب السوري أغلى التضحيات .. ومئات آلاف الشهداء والجرحى والمعطوبين لأجل الحرية، ولكي يكون سيد نفسه، وصاحب قراره الوطني، وهذا ما يعني رفض أية إملاءات خارجية تتعارض ومصالح الشعب السوري وحقوقه، وإنجاز المرحلة الانتقالية كما نصّت عليها بنود جنيف 1، بما فيها صياغة دستور البلاد في وقته، ومن قبل جهة سورية مختصة ..

وسوم: العدد 664