من سعادة المتزوجين ألا يكونوا ماديين


د. محمد رشيد العويد

‎الخلاف المالي بين الزوجيـن يتقدم كثيراً من الخلافات التي تعرض علي من الأزواج والزوجات .
وكنت أؤجل الكتابة في هذا الشأن خشية أن يكون تقدم هذا الخلاف في المجتمع الذي أعيش فيه وحده ولا دور له في المجتمعات الأخرى .
لكن دراسة جديدة أكدت تقدم هذا السبب في المجتمعات الأخرى أيضاً ، وذكرت أن (( حب المال قد لا يكون جيداً للحياة العاطفية ، لأن الماديين يعانون كثيراً في حياتهم الزوجية مقارنة بمن لا يهتمون بالمادة كثيراً )) .
وأوضح معدّو هذه الدراسة في جامعة (( بريغهام يونغ )) أن الزيجات الأقل سعادة هي تلك التي يهتم فيها الزوجان كثيراً بالمال .
وقال الباحث المسؤول عن الدراسة جاسون كارول : حسبنا أن كون أحد الزوجين مقتصداً والآخر مبذراً سيكون أكثر الأسباب إثارة للخلافات بينهما ، لكننا وجدنا أن الأسرة التي يكون فيها الزوجان ماديين هي التي تعاني أكثر من النزاعات .
وأضاف أن دراسات عدة أظهرت أن الأشخاص الماديين أكثر قلقاً واكتئاباً من غيرهم . كما ارتبط حب المال بالمشكلات الزوجية لعدم تفضيل هؤلاء الأسرة ونجاحها على المال وجمعه .
وتبين من خلال الدراسة التي شملت 1734 زوجاً وزوجة أن الزيجات التي فيها أحد الزوجين على الأقل مادياً .. كانت أسوأ في كل المعايير مقارنة بالزيجات التي لا يعاني فيها كلا الزوجين من المادية .
وظهر أن الأزواج غير الماديين كانوا أفضل من حيث الرضا عن الوضع الزوجي ، واستقرار الزواج ، وانخفاض معدل النزاعات بين الزوجين .
وختم كارول بقوله (( ما وجدناه أكد لنا أن المادية تبدو مضرة بالزواج ، ويمكن وصفها بأنها العامل المسبب لتآكل الحياة الزوجية )) .
ولو تفكرنا قليلاً في نتيجة هذه الدراسة لوجدنا أن الإسلام سبق في النهي عن المادية ، وتربية أبنائه على تركها ، سواء في حياة النبيﷺ الذي كان أسوة لنا جميعاً ، أم في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تُوجِّه إليها وتربي المسلمين عليها .

‎قال النووي رحمه الله بعد أن عرض أحاديث في زهدهﷺ (( في هذه الأحاديث المذكورة في الباب ما كان عليه النبيﷺ من الزهادة في الدنيا ، والإعراض عن متاعها وملاذها وشهواتها وفاخر لباسها ونحوه ، واجتزائه بما يحصل به أدنى التجزية في ذلك كله ، وفيه الندب للاقتداء به ﷺ في هذا وغيره )) .
فليتنا نتأسى به ﷺ، ونترك هذه المادية في حياتنا الزوجية ، بل في حياتنا جميعاً ، حتى يهنأ عيشنا ، وتستقيم حياتنا ، ونسعد مع أزواجنا وأبنائنا وأهلينا والناس أجمعين .

وسوم: العدد 667