مساوئ غياب الإمام
يعيش المجتمع حالة مفزعة تتمثل في غياب الموظفين بكافة رتبهم عن العمل. وبما أن الإمام قدوة في قوله وفعله، تطلب المقام التطرق للمساوئ التي يخلفها غيابه عن وظيفته، مع تسجيل الغيابات التي تشهدها القطاعات الأخرى، والتي لاتقل خطورة عن غياب الإمام.
أعرف إماما لايحضر إلا ليلة الجمعة لإلقاء درس وخطبتي الجمعة، ثم لا يعود إلا في الأسبوع القادم.
إمام آخر لايحضر إلا صلاتي الظهر والعصر.
وآخر يحضر ليلة الجمعة ويوم السبت.
وآخر لايحضر إلا وأذان الظهر يؤذن ، ليصلي الظهر والعصر.
هذه الظواهر السلبية لم نكن نعرفها ونحن صغارا، حين كان الطفل يصلي خلف الأئمة الكبار من أمثال سيدي الإمام حاج شريف، والإمام حاج إبراهيم، الذين لم يتغيبوا عن الصلاة طيلة حياتهم، ناهيك عن مايقومون به من أعمال النظافة والدروس يوميا ودون إنقطاع. وقد إستمر ذلك العطاء إلى آخر يوم من حياتهم.
وقد رأيت بأم العين، كيف أن الإمام حاج إبراهيم، وقد بلغ من الكبر عتيا، وانحنى ظهره، وهو يقاوم الزمن ليصلي الفرض والنافلة واقفا دون سند، وأفضل من بعض الشباب الذي يخلدون للسواري يتخذون منها متكأ. وعلينا أن نعترف في البداية، أن..
توظيف الأئمة في أماكن بعيدة عن مقر سكناهم، ساهم بشكل كبير في عملية غيابه عن مقر عمله.
وإقحام المساجد في صراعات حزبية ضيقة، وإستيراد أفكار غريبة عن المجتمع الجزائري، جعلت البعض يفرض على الناس إماما ولو كان ضعيفا العلم سيئ الأخلاق، لأنه ببساطة صنيعة الأفكار المستوردة التي يريدها البعض ويسعى إليها.
وفي المقابل يطرد إمام وتوضع أمامه كل العوائق لطرده والتضييق عليه، لأنه يملك مرجعية علمية قوية صافية نابعة من المجتمع الجزائري وتمتد للفهم الصادق للإسلام، وينبذ كل أشكال الاستيراد التي تفرض عليه من بعض الأطراف التي تريد أن تستحوذ على الدنيا باسم الدين.
ضف لها ضعف بعض الأئمة في العلم والتلقي، وضعف فضيع في الشخصية التي دفعت ببعض الأئمة إلى تبعية أصحاب النفوذ والخضوع لجماعات الضغط التي إتخذت من المنبر وسيلة للهيمنة والسيطرة.
وميل بعض الأئمة للكسل والخمول. فتراه يمقت المطالعة، وينبذ المراجعة، ولا يكلف نفسه عناء كتابة الخطبة أو الدرس.
هذا العفن الذي يحيط بالإمام ، ساهم بشكل كبير في إرتفاع غياب الإمام عن وظيفته، فكان الإمام عاملا من عوامل العفن وطول مدته، وخطورته على المجتمع وعلى قداسة الإمام ووظيفته، ونفور الناس من بعض المتصدرين للمحارب والمنابر.
وبما أن الإمام رجل عاقل ومسؤول عن تصرفاته، ويعي جيدا مايقول ويفعل، وقدوة للمجتمع فيما يقوم به ويقوله، تطلب من القائمين على شؤون الإمام، توفير الجو الملائم للقيام بمهامه على أحسن وجه، والتخفيف عنه الضغوط التي يتلقها من أصحاب النفوذ وإستيراد القيم التي تنافي المجتمع الجزائري. وفي نفس الوقت يطلب من الإمام بذل المزيد من الجهد في العلم والمراجعة، والسهر على شؤون المصلين، والتخفيف من الغياب غير المبرر، الذي يضر بسمعته وهيبة الإمام.
وسوم: العدد 669