من خيبات تطبيق المسلمين في رمضان
السحور الراقص والإفطار الهائص:
استحدث بعض التجار غير الأبرار، طرائق للسحور والإفطار، لا يمكن أن يشرعها الله، ولا هي مما يقبله ويرضاه، فابتدعوا ما أسموه السحور الراقص، والإفطار الهائص، حيث يتنادى بعض المتبطرين، من الصائمين المائصين، أواسط الليل أو أواخر النهار، ليجتمعوا في الملاهي على موائد الإفطار، والشرب والقمار، فتدور عليهم الأكواب، وأنواع (الصنف) والشراب، تسلي صيامهم فيفي العايقة، وترقص لهم لولا الرايقة، ويظلون يصهللون ويزغطون، ويلهطون ويشفطون، حتى تمتلئ سجلاتهم بالمعاصي، دون خوف ممن بيده النواصي، ويرتكبوا من الموبقات كل عظيمة، ويمارسوا من الكبائر كل جريمة، ولا يفطن هؤلاء الأغبياء، التائهون التعساء، أن الكرام الكاتبين يدورون، يسجلون عليهم ما يفعلون، وأن على أحدهم أن يتوب، وإلا فنهايته أسود من قرن الخروب!
يقول المستعين بالله:
يشهد الله تعالى أني رأيت الإعلان بنفسي على بعض المحلات في قاهرة المعز، من ناحية الجيزة قبل نحو سبعة وعشرين رمضان خلت، كما قرأت عن إحياء الأماسي الرمضانية، مع أجواء شعبية، ووصلات تقدمها الراقصة.. والمغني الشعبي.. ورأيت في فنادق الخمس نجوم (بتاعة الحيتان والمتبطرين وشفاطي الشعوب) خياماً شعبية بأسماء تاريخانية فذلكية، فهذه قصر الشوق، وتلك بين القصرين، وتلكم سوق الحميدية، ويستأجرون فيه صبايا شقراوات، ذوات طلعات بهية، بعيون خضر، وأجساد إرهابية، ثم يقمِّطونهن بالملايات اللف، ويأتين بمغنين من ذوي الحناجر المشروخة يغنون أغاني قديمة، ويجلس الواحد منهم والشيشة بيده، والنسوان الفاتنات يتقصعن أمامه، ليعوج هو طربوشه، ويتغزل فيهن بطريقته، ويستأنس بذلك طول ليلته، ودخان الجوزة أو الشيشة يملأ المكان، فسبحان الحليم على فجور بني الإنسان!
وبلغني - والعهدة على من نقل - أن أحدهم فقد توازنه وانسطل، في بلد بعثي نضالي ثوري (نسبة للثور أجلكم الله) فأصر أن يختم ليله أمام الناس (السيكا) الذي يوقدون له البخور، بالسحور على جسد الراقصة، لا يتوارى ولا يستحي.. والعهدة على من روى، وما أظنه أراد الكذب ونوى، ولا حول ولا قوة إلا بمن بيده ملكوت كل شيء، وإليه ترجعون!
ويشبه هذا ما تفعله بعض الفنادق والخانات، والشركات والمؤسسات، من خيام ترفيهية، وأسواق شعبية، يسمونها بأسماء عتيقة، ويضعون بها ديكورات ركيكة وأنيقة، ويجلبون لها الجرسونات الأنيقات، والبنات الرشيقات، يخدمن الزبائن بالنظرة والمشية، والبسمة والهمسة، ما بين متقمطة بالملاية اللف، وشادّة قوامها للخلف، وهي تمشي وتتقصع، وتسبل عينيها وتتدلع، والصائمون في عيونها تائهون، ومع أنفاس الشيشة مندمجون، يعجبون بصوتها الحيّاني، أو يتغزلون بكحلها الرباني، أو يعلقون على القوام السمهري، أو الساق المرمري، فبذا يتم في نظرهم الصيام، وينالون الأجر بالكمال والتمام!
وقد كتبت مجلة الأوائل العنكبوتية، والوسط التونسية، وإسلام أونلاين القطرية، تحت عنوان: خيام راقصة في رمضان ومقاهي المفطرين، عن هذه الظاهرة الحضارية، التي تطور الإسلام على طريقة بورقيبة وبن علي، (عاملهما االله بما يستحقان) وتمكن للدكتاتورية اليسارية الملحدة، وتجفف منابع الإسلام في بلد أهله جميعاً مسلمون، فقالت:
الكافيشنطا تبدو للناظر من بعيد خياماً مخصصة لعقد الندوات الدينية في ليالي شهر رمضان الكريم.. ولكن عند الاقتراب منها تصل إلى مسامعك أصوات متداخلة، وترى ما لم يكن ليخطر على بالك: الموسيقى الصاخبة، وراقصات يتمايلن، ورائحة مدخنين تعبئ الجو الذي يبعد كل البعد عن الأجواء الإيمانية لشهر الصوم؛ فبعد غياب دام 20 عاماً عادت الخيام الرمضانية الكبيرة التي تضم العديد من"الكافيشنطا" (مقاهي الغناء بالفرنسية) في منطقة تعرف بـ "باب سويقة" بوسط العاصمة التونسية وفي مناطق أخرى مختلفة من العاصمة. عودة مقاهي الغناء التي تشمل أيضا فقرات راقصة، وألعاباً سحرية، لقيت انتقادات واسعة من قبل كثير من التونسيين، وفي تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت"، يفسر د. مهدي مبروك أستاذ علم الاجتماع
أنشطة هذه المقاهي في رمضان قائلا: "هناك إرادة لتدنيس المقدس وتفعيل الغرائز الحيوانية لدى الإنسان من خلال نشر مظاهر الفجور خاصة في شهر رمضان الفضيل.
واعتبر أن عودة هذه الخيام الراقصة تمثل"الموجة الثانية لتجفيف منابع التدين". ويوضح
مبروك قائلاً: "عاشت بلادنا موجة أولى لتجفيف منابع التدين خلال تسعينيات القرن الماضي اعتمدت السلطة خلالها على قوة القانون؛ لخدمة هذا الهدف، وضرب ظاهرة التدين التي كانت مرتبطة بشكل كبير بالتيار الإسلامي حينها.
وأضاف: "اليوم - ومع انتشار حالة من التدين الشعبي - عاد الأسلوب السابق، الذي يعتمد على خطف عقول الناس، وتحويلهم عن الانشغال بالعبادة، والتفكر في هذا الشهر الكريم.
وتساءل مبروك: "كيف تسمح السلطات بهذه الخيام، وبأن يتم إفراغ شهر رمضان من كل شحناته الإيمانية، وتحويله من شهر عبادة وتقرب إلى الله، إلى شهر تمارس فيه أبغض المنكرات؟
وإلى جانب عودة ظاهرة مقاهي الغناء إلى الساحة التونسية لاحظ المجتمع التونسي هذا العام الارتفاع الكبير في عدد المقاهي التي تفتح أبوابها؛ لتقدم خدماتها للمفطرين خلال أيام شهر الصوم!
ويقول مراسل"إسلام أون لاين.نت": كان عدد المقاهي التي تفتح أبوابها في نهار رمضان في
السابق لا يتجاوز الخَمس في العاصمة كلها، وأغلبها كانت مقاهي تابعة للفنادق، أما في رمضان هذا العام فلا يكاد يخلو طريق من مقهى للمفطرين!
وتنقسم مقاهي المفطرين إلى ثلاثة أنواع: فمنها مقاهي الفنادق السياحية المنتشرة في العاصمة، والحانات التي تحوّل نشاطها من بيع الخمور في الأيام العادية إلى مقاهٍ في رمضان، والمقاهي العادية التي تواصل تقديم خدماتها خلال نهار الشهر الكريم.
وكما مر فإن هذه المقاهي من ابتداع المجاهد الأكبر، أعمى البصيرة بورقيبة، وعنها كتب
عبد المجيد الساحلي في جريدة الحرة التونسية ينشط ذاكرة السمار، وباكياً على أيام الطرب والرقص الأصيل في ليالي رمضان، حيث "الفاصل الغنائي التونسي (الأصيل) الذي كانت تتحفنا به الراحلة صليحة! ثم انفردت به ابنتها المرحومة شبيلة راشد 1975 -2008م كان دوماً مرفوقًا بلوحات راقصة للفنانة المبدعة بديعة! وهي التي ما زلنا نشاهدها في شريط تلفزي وثائقي، تبثه - مشكورة - تلفزتنا الوطنية، وهي عبر المطربة الراحلة بديعة الصغيرة، التي ذاع صيتها بالأغنية الشهيرة «أسمر يعجبي... زينه يلهلبني».
وحيث: كانت تضم لوحات راقصة للفنان الراحل حمادي اللغبابي صاحب أول مدرسة للرقص الفلكلوري التونسي المقنن! وكانت ترافقه عدة راقصات أمثال المرحومة كريمة وزهرة لمبوبة ثم الأختين زينة وعزيزة! في حين كانت وصلة الغناء البدوي الذي يؤمنه المرحوم إسماعيل الحطاب توشحها (زوجتاه) الراقصتان الراحلتان عائشة ومامية، وحيث كانت صليحة مهندة بكرم الانتساب إلى مخزونها الحضاري تملأ صالة الفتح نشوة طربية وتمتع سامريها بمتعة حسية تجعلهم يقتطعون تذاكرهم من جديد، عندما يعلن صاحب القاعة بأعلى صوته «البراني على برة، والمغروم يجدد!»!
يذكر أن الرئيس التونسي الراحل المجاهد الأكبر المناضل الثوري اليميني اليساري الليبرالي الشيوعي فضيلة الشيخ الحبيب بورقيبة قد دعا إلى الإفطار جهرة، وشرب الماء في أحد أيام رمضان، خلال كلمة كان يلقيها في تجمع عمالي أقيم بالعاصمة سنة 1960م، أيام المد الشيوعي في المنطقة العربية، وبرر بورقيبة اجتهاده الفذ هذا بأن تونس بحاجة إلى جهد كل أبنائها، وهي التي خرجت للتو من الاستعمار، ودخلت في مرحلة البناء والتشييد!
واعتبر بورقيبة أنه إذا كان الصيام مدعاة للتقاعس فالواجب أن يفطر التونسيون؛ حتى يتم إعادة بناء البلاد. ولا أدرى ماذا يقول بورقيبة هذا لربه الآن، بعض حربه الضروس على الإسلام، ومقاومته بشراسة، وتدريبه لنائبه الخليع، حامي الحمى والدين - كما كتب منافقوه على جامع الزيتونة - الذي ظل يواصل تنفيذ المخطط ذاته بمنتهى التفاني في العناد الله رب العالمين، حتى خلعه االله، إلى حيث ألقى رحالهم المخاليع خونة الأمم!
بلاش المجاهد الأكبر، والبلاي بوي الأصغر، فين شيخ الأزهر، وفين وزراء الأوقاف، وفين
الدعاة.. حسبي الله.. حسبي الله!
وسوم: العدد 671