لأجوائه الروحانية: انخفاض معدل الجريمة في رمضان

د. عبد السلام البسيوني

يقول بعضهم – اعتزازاً برمضان المعظم، وحزناً على فراقه – ليت السنة كلها رمضان، وجرت عادة العوام أن يرددن عبارات يسبقون بها انقضاء الشهر، منها: لا أوحش الله منك يا رمضان/ بِعودة بعودة..

وسر هذا أن النفوس فيه تتغير، والقلوب ترق، والأيدي تسخو، والأحوال تتحسن، وهذا دليل مادي ملموس على التغير للأحسن حتى في أوساط الجريمة:

فقبل ثلاث سنين من الآن، وفي رمضان من عام ثلاثة وعشرين نشرت وكالات الأنباء تأكيداً لوزارة الداخلية الكويتية بانخفاض نسبة ارتكاب الجرائم خلال شهر رمضان المبارك مقارنة بباقي شهور السنة.

وقال مدير إدارة الإحصاء والتخطيط بوزارة الداخلية الكويتية إن إجمالي عدد البلاغات خلال شهر رمضان عامئذٍ بلغ 1011 بلاغاً بعد أن كان 1382 بلاغاً خلال شهر شعبان، مشيراً إلى أنها انخفضت خلال رمضان بنسبة وصلت 8.26%.

وكان معدل الانخفاض في بلاغات الجنايات منخفضاً بنسبة 1.28%، فيما انخفضت بلاغات الجنح بنسبة 5.26% وشهدت بلاغات الاعتداء على العرض والسمعة أعلى معدل انخفاض، حيث بلغت نسبة الانخفاض فيها 1.47% خلال شهر رمضان مقارنة بشهر شعبان السابق له، كما انخفضت جرائم الاعتداء على الأنفس بنسبة 9.18 في المائة، وانخفضت بلاغات الاعتداء على المال بنسبة 1.29في المائة.

وقد أرجع الدكتور خضر البارون أستاذ علم النفس بجامعة الكويت سبب انخفاض الجريمة خلال شهر رمضان إلى الصيام، حيث إنه عبادة فرضها الله سبحانه وتعالى لتقوية الإرادة، وترويض النفس، وتنمية قدرات الإنسان على التحكم في رغباته وشهواته.

وأشار عميد كلية الشريعة بجامعة الكويت إلى أن انشغال الناس بالطاعة خلال شهر رمضان يؤدي إلى تراجع المعصية والجريمة بدرجاتها كافة، وقال إن من الثابت في الأدبيات الإسلامية أنه كلما ازدادت الجرعة الإيمانية، تأسست داخل نفس الإنسان حالة ردع، تكفه عن ارتكاب الجريمة أو الجنحة؛ ما يؤدي إلى تراجع أعداد مقترفيها، وشيوع الأمن والاستقرار.

ورغم اجتهاد الأمة العربية الماجدة في تلويث الشهر، والسعي لعلمنته، وتغريبه بعد تخريبه، وتحويله إلى شهر تهليس، ورقص وفوازير وكاميرا خفية، وتنافس من صاحبات الصون الفنانات الفتانات الفتاكات..

رغم هذا كله أقول بكل طمأنينة: يا ليت السنة كلها رمضان!

وسوم: العدد 673