الزواج .. وصور من أعراس الماضي

الشيخ حسن عبد الحميد

قال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) ٢١ الروم ، صدق الله العظيم 

حضرت بالأمس القريب حفلة زفاف لشاب مجاهد ، استمعنا إلى النشيد الإسلامي والشعر الإسلامي والكلمات الدعوية ، فتذكرت أعراس الماضي فكتبت : 

موضوع الزواج شيق للمراهقين فهم بانتظار قطاره ، وللشيوخ فهو استعادة ذكريات حلوة ، وكل منهم يتلو قوله تعالى ( قال رب إني وهن العظم مني وأشتعل الرأس شيبا ) ٤ سورة مريم 

في زمن أصبحت السعادة فيه ذكرى ؟؟؟

ونحن نسمع ونشاهد مجازر الطيران الروسي والمجوسي في حلب وريفها ؟؟؟

ونسمع اقتتال الأخوة في الغوطة ، ياللعار ؟؟؟

الخطوة الأولى في الموضوع : الخطبة :

وكان يقوم بها أم العريس وخالته واخته يذرعون البلد من أقصاها إلى أقصاها تفتيشا عن بنت الحلال اللائقة بهم ، فهذه تأخذ الموضوع من زاوية العيون فهي كعيون المها ، وهذه تنظر إلى الفم وكأنه فستقة لم تفتح بعد وسبحان الخالق ، وهذه تنظر إلى الانف فهو صغير صغير ،، وهذه وهذه ... 

واختصر الإسلام الموضوع فطلب من الخاطب نفسه أن يقوم بالمهمة ، يقول عليه السلام عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ( انظر إليها ، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما )

نظر الخاطب إلى المخطوبة فابتسمت هي وجاوبها ابتسامة بابتسامة ،

 تعني موافقة الطرفين 

واتفق والد العريس مع والد العروس على المهر والجهاز ،

وبدات الحمير والكدش تنقل اللبش مخدات ودشكات واوعية يوم العرس 

الليلة ليلة حمام العريس ، وحمام العروس تكون في الحمام الجديدة وغالبا في حمام الحجار ، وفي خلال الحمامين يحدث موبقات ، منها التساهل في كشف العورات ؟؟ حضرت مرة حمام عريس نزل أحدهم بالزلط تماما ؟؟

والاصدقاء يهتفون الله ساواك زوج وزوج ، صلوا على محمد ، الزين الزين ، مكحول العين ، العادي لنا الله عليه 

نذكر رسول الله عليه السلام ونحن نخالف شرعه وسنته ، فالفخذ عورة ( يامعمر غط فخذيك فان الفخذين عورة ) رواه احمد في مسنده ، البخاري في صحيحه  ،

 وتسمى العورة : سوءة لأنه يسوء المرء كشفها . 

ولابد في الزواج من عقد علني ، فالزواج لايكون سرا ، عليه السلام يقول ( أعلنوا هذا النكاح ، واجعلوه في المساجد ، واضربوا عليه بالدفوف ) عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، رواه الترمذي 

المرأة لا تزوج نفسها ، وإنما توكل أباها أو جدها أو أخاه ، وفي العقد لابد من شهود عدول ، يقول المصطفى ( لا نكاح إلا بولي وخاطب وشاهدي عدل ) عن أبي هريرة ، وتارك الصلاة لايصح أن يكون شاهدا في العقد ،

وإذا حصل فالعقد باطل ، تارك الصلاة منبوذ ترد شهادته ؟؟؟

ويبدا نقل الحملان بيت فلان بعثوا صينية رز عليها ورد ، وتملأ الزغاريد عنان السماء ، ويجيء وقت انتقال العروس من بيت ابيها إلى بيت الزوج ويتم وداع البنت فيحضر شيوخ العائلة وشيوخ العائلة الثانية تسليم وتسلم ،ويأخذ الحماس بعض الشباب فيطلقون الرصاص ابتهاجا ، وفي بيت الزوج يعد الطعام ، وطعام العرس رز ولحم  وياسلام سلم .

يقام في يوم الدخلة حفل ضخم ، فيجتمع الكثيرون وتبدأ لعب الحكم والسيف والترس ، لعبة الحكم عصا غليظة طويلة يلاعبها المختصون بين ايديهم بفن ودراية ، وفي منتصف الليل يتجمع رفاق العريس ويلبسونه لباس العرس صدرية بيضاء من الحرير الصناعي مع شالة عجمية وعقال وغترة بيضاء كثلج الشتاء ويعلو الهتاف الله ساوى زوج زوج ، صلوا على محمد الزين ، مكحول العين ، العادي لنا الله عليه 

الموكب جاهز للسير اللكوس معدة إذ لم يكن كهرباء ، وكل ١٠٠ متر موال ممن يتقن فنه ، وعلى باب العريس تعلو الشاباشات ، شاباش يافلان ابن فلان ب ١٠٠ ليرة سورية ، ثم شاباش لفلان ، ويتجمع في المنديل الآلاف ، يربط المنديل كصرة وتسلم للعريس لتكون خرجية الأسبوع ، وهذا اشتراكية عفوية وتعاونية طبيعية 

دخل العريس هاهو أبوه أو جده يضع يد العروس في يد العريس ويدخلان غرفة النوم ، وتتظاهر العروس بأنها خجلانة وقلبها يكاد يطير من الفرح ، والكثير ينسون صلاة ركعتين من قبل العروسين ؟؟؟؟

بالنسبة لي وكالعادة طرق الباب إخوان لنا لاخذي إلى وليمة في الدولاب ، ولما كنت مرهقا انتحيت جانبا في دولاب عمر المعراوي ونمت ، فما كان من الإخوة أبو حسن وأبو أنس رحمهما المولى حملاني وأخذاني إلى الاخور ، أي غرفة النوم للحمير ووضعوني في المعلف ولازلت مستغرقا في النوم ؟؟

 فشممت رائحة الزبل الطازج ونهق الحمار فاستيقظت وأنا انفض الغبار عن الطقم ، وخرجت من غرفة نوم الحمير لاجد الأخوة وقد وضع اخونا عمر المعراوي رحمه الله أمامهم لقن توت شامي ،

 بلعنا المقلب وعدنا للبيت حيث افطار العريس المأمونية والحلوى المبرومة وغير المبرومة 

 اما الغداء فكان فريكة بسمن عربي وعليها قلوبات منها الصنوبر والعوجا ، إن اللعاب يشر شرا ، ولقمة من الفريكة هذه تعادل طنجرة مجدرة أو مغمومة ؟؟

و الصنوبر اصبح اليوم الكيلو منه بزنبيل ليرات سورية ، وكان يومها هو والفجل بسعر واحد ، وهذا من بركات الاشتراكية ؟؟؟؟

وفي اليوم الثاني ذهبنا فورا لشهر العسل واختصرنا البروتكول بسفر إلى دمشق في بيت أخ عزيز في المزة ، تعرفنا على معالم دمشق ، وبينما نحن في خلوة سعيدة إذ نسمع الرصاص يلعلع يعلن قيام الانفصال ، فهربنا من هذا الجو إلى اللاذقية حيث كان محافظها ابن مدينة الباب الجسومة ، وهو عقيد من صناع وحدة هدفها الاطماع الأهواء ؟؟؟

وانفرطت الوحدة ؟؟؟

وعدنا إلى حلب .

أخيرا 

أيها الشاب إليك  وصية المصطفى عليه الصلاة السلام وهي  ( يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فانه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فانه له وجاء ) رواه مسلم  عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما 

قبل الختام أبيات للشاعر محمد وليد الحسن 

حلب تباد وقادة أوغاد 

           وعلى جماجمنا العروش تشاد 

رباه قد عاث اللئام بشامنا 

         كفرا وظلما والأنام  رقاد 

دمر إلهي كيد ماصنعوا لنا 

          ضجت بذاك حناجرٌ وعباد 

قولوا  اللهم آمين 

والله أكبر والعاقبة للمتقين 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 673