نظام العار
اعزائي القراء
هناك مثل يقول
كما تكونوا يولى عليكم.
وهناك من يعكس هذا المثل ليصبح
كما يولى عليكم تكونوا.
وبالرغم ان المثل الثاني المقلوب ليس شائعا كالاول
الا انه يتوافق مع الحالة السورية تماما فالحالة السورية هي حالة خاصة جدا تحت حكم ال الاسد .
فلم تكن الاخلاق والتعاملات بين افراد الشعب السوري سيئة قبل استيلاء الاسد على الحكم
ولدي مجموعة امثلة تدعم ذلك
وهذا احدها قبل الابتلاء بعائلة الاسد:
رست علينا مناقصة لتنفيذ اعمال التدفئة والتكيف لاحد مشاريع الدولة .
كان حجم رأس المال المحرك للمشروع اكبر من طاقتنا انا واخي المهندس غسان . اجرينا التقديرات وحصرنا المواد وحملتها معي الى دمشق مع شوية عملة كعربون لشراء المواد من شركة شابيه الفرنسية والتي كان وكيلها السيد انطوان صباغ وكان مكتبه في دمشق في منطقة الحريقة .
المبلغ الذي حملته كان متواضعا جدا حتى اني كنت اخجل ان اعرضه عليه.
استقبلني الرجل وعرضت عليه جدول المواد والاستطاعات والمواصفات . اخذ الرجل الجدول الى السكرتيرة وارسلته على الفور الى باريس عن طريق التليكس حيث كانت وسيلة التواصل السريعة في تلك الايام .
استضافني الرجل بفنجان قهوة وعرضت عليه الدفعه المقدمة .
نظر الرجل الى معاتبا ً وقال:
خلي مصراتك بجيبك يا هشام وعندما تصل المواد الميناء وتخلصها من الجمرك وتقبض قيمتها كاحضارات عندها تعال حاسبني.
شكرته على جميله وقلت له لنكتب اذن عقدا بيننا.
التفت الى قائلا:
يا هشام فنجان القهوة الذي نشربه معاً هو العقد بيننا.
هذا رجل ترعرع على اخلاق الكلمة اخلاق الشعب السوري الاصيل قبل وصول عصابة الاسد الى حكم سوريا ، هذه العصابة التي افسدت كل شي حتى امتلأ القصر العدلي في كل مدينة بالاخوة والاقرباء يقيمون دعاوي ضد بعضهم بعد ان كان خاليا منهم او كاد.
حيث كان كبار القوم يحلون الخلافات فيما بينهم قبل ان تتطور الى الأسوأ فكان معيبا ان يقيم اخ دعوى ضد اخيه، والقريب ضد قريبه ،والصديق ضد صديقه .
اما اليوم فصار بعض الاخوة يستقوون على بعضهم بمحامين مقربين من السلطه والمخابرات لان امثال هوءلاء المحامين والقضاة هم طريقهم لكسب الدعاوي بعد ان تدور الرشاوي بينهم جميعا.
هذه سياسة مقصودة لالهاء العوائل بعضها ببعض حيث كانت المخابرات تنتقي من كل عائلة (بالوعتها) لتعمل لحسابهم فيصبح هو وامثاله عكيد الحارة والويل كل الويل لمن يواجهه.
انه نظام العار بكل المقاييس فلم يترك مكاناً محترماً الا افسده
افسد الجامعات فخاف الاستاذ من طالبه
وافسد امكنة العمل فخاف المدير من حاجبه
وافسد الاسرة فخاف الاخ من اخيه
من كان يعتقد ان كلية الشريعه اصبحت مكانا موبوءاً بشبيحة النظام؟
فادخلوا اليها كل فاسد والبسوه العمة والجبة ووضعوا بين اصابعه السبحة ، وحفظوة عدة ايات قرآنية وكم حديث وخرجوهم من كلية الشريعة ورموهم في وجوهنا ليكملوا مشوار الفساد.
حدثني زميل لي عندما كنت في سوريا قال:
ام احمد امرأة صالحة تقية محترمة بين جيرانها ومعارفها مات عنها زوجها تاركا لها ثلاث شباب اصغرهم في الثامنة عشر من عمره هذا الشاب واسمه عادل كان مثال الاخلاق الحميدةً كل الجيران كانت تضرب برأسه قسما، مطيعا لوالدته، خجولا لايعصي لها امرا
اخذوا عادل الى الجيش وكان نصيبه ان فرز الى سرايا الدفاع والتي كان يقودها رفعت اسد .
غاب عادل حوالي اربعة اشهر في قطعته قبل ان يمنح اول اجازه له .
وفي يوم عودته في ليلة متأخرة قرع باب بيته ثم بدأ يضرب الباب ببسطاره العسكري حتى ايقظ ساكني البناية.
فتحت والدته الباب وقلبها يرتجف لترى ابنها عادل قد انقلب الى وحش وهو يصرخ في وجهها
( دينك ..سماك...ربك ) لم يترك كفرية الا وسلق والدته بها لانها تاخرت عن فتح الباب .
اغمي على والدته ونقلت الى المستشفى في حالة حرجة.
اخواني
هذه الامثلة كلها توءكد ان البلاء وصلنا من مصدر البلاء.
من نظام بلا قيم.
من نظام بلا اخلاق.
من نظام الفساد والافساد.
من نظام العار.
مع تحياتي ...
وسوم: العدد 673