الإقلاع من رابعة والهبوط في ريو !

" إن الله لا يصلح عمل المفسدين "( يونس : 81) .

مضت الذكري الثالثة لمذبحة رابعة ( 14/8/2013 ) وما سبقها وما تلاها من مذابح قام بها الانقلاب العسكري الدموي الفاشي لتضيء واقعا مظلما خفي على بعض الناس . كان الانقلابيون يظنون أن المذابح وخاصة في رابعة ستتيح لهم التحليق على مستوى العالم ، بعد أن يرضى عنهم اليهود الغزاة والصليبيون الهمج ، والأعراب الأشد كفرا وتفاقا والأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله ...

شاءت إرادة الله أن يسلط عليهم أعمالهم الظالمة ودعوات المظلومين التي ليس بينها وبين الله حجاب ، فكان الفشل من نصيبهم في كل المجالات بعد أن أسفروا عن وجوههم الحقيقية التي تؤكد على الظلم والقمع والقتل والنهب والقبح الإنساني ، وبعد أن كانوا يقولون:" مصر قد الدنيا " صارت على ألسنتهم " أشلاء دولة !"، وبعد أن كانت عقب ثورة يناير العظيمة تتمتع بحرية وليدة تؤذن بتطور إيجابي ، يحرك الطاقات المعطلة ، ويشد القوى المختلفة للمشاركة والعمل المنتج ، ماتت السياسة والحركة والنشاط وصار التخبط والارتباك والارتجال عنوانا لمرحلة أبرز ملامحها:

انهيار الاقتصاد ومضاعفة قيمة الدولار وركود السياحة، وهروب الاستثمار ، ومدّ اليد للتسول والاقتراض والديون ، وفرض الضرائب الباهظة على جموع الكادحين والبسطاء والمحرومين ، وارتفاع الأسعار ، واختفاء الأدوية المهمة ، وتوقف آلاف المصانع ، وتراجع الزراعة  مع خسائر فادحة للفلاحين، وانقسام المجتمع ، وازدهار الكذب والتدليس والتضليل ، والاعتماد على إعلام بائس مجرم يؤله الجنرال ويدافع عن الخراب الذي يتمدد بقوة في شتى الاتجاهات ، وقمع همجي متوحش ، وتكميم الأفواه ، وإغلاق الصحف والقنوات ودور النشر التي تهتف باسم الله ، وحرب ضروس ضد الإسلام والمسلمين ، وتواصل الفشل الذريع في الإدارة والعمل لدرجة أنه لأول مرة في تاريخ مصر لم يصدق الناس أن الثانوية العامة هذا العام يمكن أن تتم بسبب الغش ، والسيد شاو مينج!

الإقلاع من رابعة كان كارثة بكل المقاييس ، وكان أسوأ بداية للحكم العسكري العائد بقوة رغبة في الانتقام المتوحش من الشعب وثورته، ومع ذلك لم تحقق العين الحمراء التي أرادوا إظهارها للشعب المسكين إنجازا يذكر إلا في مجالات القتل وسفك الدماء وهدم الاقتصاد ، وبناء اثني عشر سجنا ضخما ، في أنحاء الدولة كل سجن تكلف قرابة المليار. هذه السجون لم تستوعب الأسرى الشرفاء النبلاء ، بينما يقوم بعض موظفي الانقلاب بالتسوّل من أجل بناء بعض المدارس ! 

ارتفع الدين الخارجي إلى قرابة 54 مليار دولار، والداخلي إلى ثلاثة تريليون جنيه ، واختفت عشرات المليارات ( الرز ) من مساعدات الأعراب الأشد كفرا ونفاقا ، وصار النظام الاقتصادي – إن صح أن نسميه كذلك – معتمدا على الفنكوش ، أي الأفكار العشوائية غير العلمية ، لا تعرف نتائجها ، ولكنها تتكلف عشرات المليارات من دم الشعب أو من المرابي الصليبي اليهودي الذي يُصرّف بضاعة فاسدة مرهونة بفوائد باهظة يدفعها الفقراء ، دون السادة الكبار. تأمل فنكوش : تفريعة السويس ، والعاصمة الإدارية الجديدة ، واستصلاح مليون ونصف مليون فدان ، المفاعل النووي في الضبعة ، طائرات الرفال ، حاملة الطائرات ، ....ثم جاءت الطامة الكبرى بشراء أربع طائرات فالكون 7x بثلاثمائة مليون يورو – أي ما يقرب من أربعة مليارات جنيه ، لتنقل الباشوات الكبار عبر أجواء مصر ، حيث توفر لهم كل وسائل النعيم . السرير الفخم ، والكنب المريح والمطابخ والحمامات و ...( رئيسة مالاوي جويس باندا باعت الطائرة الرئاسية و ٣٥ سيارة مرسيدس حكومية لتسهم بثمنها في حل مشكلة الجوع والفقر في بلدها )، ولا يخجل الإعلام الانقلابي المجرم من الزعيق بالقول : صبّح على مصر بجنيه !

في ذكرى رابعة أطلقت السلطة الانقلابية أذرعها الإعلامية واللحي التايواني الخائنة لنشر أكاذيب واختلاق وقائع تجعل دم الأبرياء الذي أريق ظلما وعدوانا من الحلال الذي يأمر به الدين ويؤيده الإجماع الوطني ، ولكن النتيجة كانت عكس ما أرادوا ، فقد أعلن عدد لا بأس به من المؤيدين للانقلاب على الحرية ، أنهم اكتشفوا خطيئتهم ، واعتذروا عن موقفهم من رابعة ، وأعلنوا أنهم كانوا مخدوعين ، ومع ذلك يحاول الانقلاب الدموي الفاشي أن يجد نافذة يطل منها على العالم ليثبت نجاحه ، بعد أن رأى أن الإقلاع من رابعة كان كارثة بكل المقاييس ، صاحبها الفشل الذريع والخيبة الثقيلة ، فهبط في ريو ، ليشارك في الألعاب الأوليمبية في البرازيل ، وأرسل وفدا ضخما من المنتفعين على حساب الدولة سفرا وإقامة وإعاشة وفسحا وبدلات بالدولار ، ولم يحقق الجيش العرمرم نجاحا يذكر ، كل ما حققه ثلاثة ميداليات برونزية ، مقابل 400 مليون جنيه من دم الشعب . أجهش وزير الرياضة بالبكاء حين حصلت لاعبة على أول ميدالية !

ثم كانت المهانة الكبرى في لعبة الجودو التي انهزم فيها اللاعب إسلام الشهابي هزيمة منكرة أمام اللاعب النازي اليهودي أوري ساسون ( من مستوطني القدس المحتلة.. وهو مقاتل بجيش الاحتلال اليهودي برتبة نقيب..) ثم رفض أن يصافحه وفق تقاليد الأولمبياد !

في المقابل رفضت لاعبة سعودية ان تقابل نظيرتها النازية اليهودية في إحدى اللعب إيمانا من اللاعبة السعودية بأنها تقابل عدوا لا يجوز التعامل معه إلا بعد هزيمته في ميدان القتال . بيد أن اللاعب الشهابي كان أمره غريبا وغامضا ومخجلا ، فقد تردد في البداية ، وفجأة أعلن عن قبول التحدي ، فانهزم هزيمة ثقيلة ساحقة وكأنه كان مطلوبا أن يقابل العدو وينهزم أمامه ، ثم كانت النهاية – عدم المصافحة - التي استغلها المجرمون النازيون اليهود بذكاء بارع ليقولوا للعالم : ها هم العرب لا يقبلوننا، ويرفضون اليد اليهودية الممدودة بالسلام . وبالطبع لن يتذكر العالم أنها يد ملوثة بدماء الأبرياء وأصحاب الوطن السليب والعرب الأذلاء !

المجرم نتنياهو قال في احتفاله باللاعب النازي اليهودي : إن القاهرة أرسلت ما يفيد  أنها لا توافق على ما فعله اللاعب المصري إسلام الشهابي ! إلى هذا الحد وصلت المهانة أن نعتذر لشذّاذ الآفاق الذين جاء من شتى أرجاء العالم ليحتلوا بلادنا ويفرضوا سطوتهم علينا ، ويجعلوا حكامنا العسكر وغير العسكر يركعون أمامهم ، ولكنهم يستنهضون الهمم من أجل الكرامة الوطنية وهيبة الدولة حين يعتصم الناس سلميا من أجل الحرية والديمقراطية والشرعية ، فيُعْمِلون فيهم آلات القتل والحرق ويستخدمون جرافات الزبالة لتلقي بهم في الصحراء جثثا متفحمة !

الإقلاع من رابعة ثم الهبوط في ريو علامة مؤكدة على صدق قوله تعالى " إن الله لا يصلح عمل المفسدين "، فالانقلاب إفساد في الأرض لأنه ظلمٌ بيّن ، ولذا تنتصر الدول الكافرة التي تتبنى العدل ، الذي هو أساس الملك !

الله مولانا ، اللهم فرّج كرْب المظلومين ، اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم! 

وسوم: العدد 683