إلى الذين لم يوقعوا على ميثاق الشرف الثوري للكتائب المقاتلة

إلى الذين لم يوقعوا على

ميثاق الشرف الثوري للكتائب المقاتلة

من أجل الدين والدولة.. بادروا إلى التوقيع عليه

زهير سالم*

[email protected]

في مبادرة دعوية وسياسية مشكورة ومقدرة ، أقدم لفيف من من الألوية والكتائب الثورية المقاتلة في سورية على التوقيع على ميثاق شرف وطني وحيوي مفعم بروح الإسلام وعنوانينه الكبرى . باللغة التي اختارها أبناء العصر الذي نعيش للتعبير عن مقاصدهم في الدين والدولة والثورة والحكم والقضاء ...

وإذا كانت اللغة كما عرفها ابن جني فقيه العربية الأول : ( أصوات يعبر بها كل قوم عن مقاصدهم ) . فإن من جمالية هذه اللغة بل من ضروراتها أن تنتمي ألفاظها ومصطلحاتها إلى المعجم الذي يأنسه هؤلاء القوم وبالألفاظ والمصطلحات التي يفهمونها هم والذين يستمعون إليهم .

على المسرح وفي كرنفالات الفولكلور فقط يمكن للإنسان أن يخرج على الناس بأثواب وأزياء تاريخية محيرة  ، وربما تكون حين تنقل إلى عالم السياسة والاجتماع غريبة ومنفرة . والرسول الكريم قد أوصانا بشروا ولا تنفروا ..

 نعلم أن الكثير من " الحَصِرين " سيبادرون للاستنكار على القادة الذين وقعوا الميثاق . بل وسيعملون على التشنيع عليهم باسم الإسلام تارة وباسم الثورة والوطنية والوفاء لدماء الشهداء أخرى ؛ ولكن ولما كان الحق أحق أن يتبع فإن مبادرة الموقعين على الميثاق ، والذي جاء متأخرا جدا في سياق الثورة السورية ، أولى بالتأسى والاتباع.

 فالميثاق في كل بند من بنوده وفي كل عنوان من عناوينه وفي كل كلمة من كلماته ما هو إلا تعبير معاصر ومبشر عن مقاصد الشريعة الإسلامية ، وعن ضمير السواد العام من أبناء سورية الذين يصرون على الانتماء إلى الحياة وإلى العصر وإلى المجتمع الإنساني بكل ما فيه من معطيات أنجزتها الإرادة الخيرة لبني الإنسان ..

إيماننا بنبل وقدسية الفتية من أصحاب الكهف لا يعني أننا نريد أن ننام حيث ناموا ، ولا أن نأوي إلى الكهف الذي أووا إليه ، ولا أن نخرج على الناس ، وهذا الأهم ، بالورِق الذي خرجوا به وإن كان معدنه من عيار 24  قيراط ..

منذ بدأ البشر يتحاورون ويتجادلون أجمعوا واجتمعوا على ألا مشاحة في الاصطلاحات . وأن العبرة فيما يتجادل فيه الناس هو المضامين والمعاني وليس الألفاظ والمصطلحات والمباني ..

وحين سأل رجل رسول الله صلى الله وسلم عليه : هل من امبر امصيام من امسفر أجابه بلغته : ليس من امبر امصيام في امسفر . وحين كتب كتابه لأهل اليمن كتب : إلى الأقيال العباهلة ... خاطبهم باللغة التي يعرفون ويأنسون .

ونحن ، أبناء الثورة السورية وحاملي عبء انتصارها ،علينا  اليوم أن نخاطب بهذا الميثاق دولا وحكومات وشعوبا ومجتمعا سوريا لا يعرف من حقائق المصطلحات التاريخية التي يصر البعض على الوقوف عندها إلا القليل ، بل والقليل الشائك الذي حمّلته قرون الصراع من  المعاني ما لن تجد ثورتنا فرصة لشرحه وتوضيحه والجدل عليه ولاستدراك على الذين يسيئون فهمه أو إليه .

معركتنا اليوم معركة حقائق تنزف من أجلها الدماء وتطحن المهج ، وتنتهك الأعراض فما أحرانا أن نعرض عن اللغو وأن نمسك بالحكمة وأن نلزم فصل الخطاب ..

ومع تأكيدنا أن ما جاء في نصوص الميثاق الذي أصدره الموفقون من القادة الثوار باسم ألويتهم ومقاتليهم هو جوهر مطلبنا ومقصدنا الشرعي الإسلامي فإنه يجب أن نؤكد من طرف آخر ولقوم آخرين أن ما تتضمنه هذه المواثيق المدنية  والشرعية في الوقت نفسه هو تعبير عن التزام حقيقي ينبع من عقل مبصر وقلب صادق يؤمن بسيرورة الحياة وبصيرورة ثورتنا وحراكها إلى حقيقة ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .)..

باسم الله وباسم دينه عقيدته وشريعته ..؛  ثم باسم المسلمين وباسم المجتمع الذي يجمعنا والدولة التي نريد ؛  ننادي على هؤلاء الذين أخذوا على عاتقهم ، أو أُوكل إليهم مشروع ( تشويه الإسلام ) ، تشويه عقيدته وشريعته ومنهجهه للحياة أن كفوا ، كفوا عن تدمير الذات وتحطيم الحلم والأمل

ننادي على المضللين الصادقين منهم أن كفوا وهلموا فقد بلغ  السيل الزبى وتجاوز الأمر كل حد حتى خضتم في دماء المسلمين وأعنتم على انتهاك أعراضهم وأنتم لا تشعرون  ..

وننادي على الآخرين منهم سيحبط الله كيدكم وسيبطل مكركم بدينه وبعباده على السواء ..

قالوا ومدح شاعر فج  الوليد بن عبد الملك وهو فتى صغير فقال :

تقول بوزع لقد دببت على العصا ... هلا هزئت بغيرنا يا بوزع

ففزع الوليد من اسم " بوزع " هذه فزعا شديدا وطرد الشاعر من مجلسه وتوقف عن سماع قصيدته وما أحراه لو وجد في سلمى وليلى ونوار ولبنى ولميس غنى ..

وبدت لميس كأنها بدر السماء إذا تبدى

وبدت محاسنها التي تخفى وكان الأمر جدا.

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية