لماذا يُعارض اليهود المتدينون الانضمام لجيش الاحتلال؟

شؤون إسرائيلية

لماذا يُعارض اليهود المتدينون

الانضمام لجيش الاحتلال؟

موقع فلسطينيو 48

على مدار الأسابيع القليلة الماضية، شهدت (إسرائيل) العديد من التظاهرات، بعضها ضخمة للغاية، نظمها يهود متدينون يرفضون الخدمة في “جيش الدفاع الإسرائيلي”. كان آخر تلك التظاهرات، مواجهات عنيفة، اندلعت أمس الخميس، خلال تفريق الشرطة الإسرائيلية لمظاهرة لمئات المتدينين اليهود في مدينة القدس، على خلفية اعتقال طالب رافض للخدمة في الجيش!

كتبت مراسلة جريدة (تايمز) البريطانية في تل أبيب قبل شهرين معلقة على تلك التظاهرات قائلة “يرفض اليهود المتدينون الخدمة في الجيش الإسرائيلي، وقد تعهدوا بمواصلة المقاومة ضد التجنيد الإجباري بعد يوم من الاحتجاجات التي اتسمت بأعمال عنف في أنحاء (إسرائيل).”

فقد كان الآلاف من الرجال المتدينين بردائهم الأسـود التقليدي، قد اشـتبكوا مع الشـرطـة في مدينة القدس ومدن أخرى في فلسـطين المحتلـة بعد صدور قرار المحكمـة العليا بوقف تمويل الدولـة الإسـرائيليـة لمعاهد اللاهوت التي يتحدى طلابها أوامر الإلتزام بالخدمـة العسـكريـة.

وبموجب الإتفاقية التي برزت لدى تأسيس دولة يهودية، كان قد أُعفي عدة مئات من اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية، وذلك للسماح لهم بمواصلة الدراسات الدينية طوال حياتهم برعاية الحكومة الإسرائيلية.

وعلى مر عشرات السنين، تضخم العدد إلى عشرات الآلاف. وتحاشى كبار السن من المتدينين العمل ضمن طبقة العمال وحصلوا على رواتب الرعاية الاجتماعية بينما كانوا يواصلون الدراسة بدوام كامل.

الأمر تسبب لاحقاً في امتعاضٍ حقيقي داخل المجتمع الإسرائيلي الذي يتزايد علمانية، إلى الحد الذي جعل الكثيرين من الإسرائيليين يتحدثون عن كون هؤلاء المتدينين، مجرد “طُفيليين” على الدولة اليهودية والمجتمع الإسرائيلي، حيث أنهم لا يُسهمون بأي شكل من الأشكال في بناء الدولة.

صحيفة (إندبندنت) نشرت تقريراً عن اليهود المتدينين، وذكرت أنه بينما تمتلئ (إسرائيل) بالمقاهي التي يجلس عليها الشبان والفتيات محدقين في هواتفهم النقالة، يظل هؤلاء المتدينون بلباسهم الأسود المميّز محدقين في كتبهم وعاكفين في معابد اللاهوت، لا يمتلكون ـــــ غالباً ـــــ هواتف ذكية أو عناوين بريد إلكتروني. يدرسون المنطق، ويقرأون التلمود، ويُدققون في كل الكلمات، كلمة كلمة، حسبما يقول (يوسف بيرلويتز)، اليهودي الأمريكي ذو الثانية والعشرين ربيعاً الذي يعيش في (إسرائيل) منذ ثلاث سنوات.

الأمر يتعلق إذاً بتفرغهم للعبادة وتدارس النصوص. لكن لقبولهم أبعاد أخرى؛ فبينما يُطالب الكثيرون بتجنيد المتدينين، يرى آخرون في تجنيدهم خطراً على جيش الاحتلال. فمن الناحية العملية يرى المحللون أن تجنيد الأصوليين سيُشكل مصيبة للجيش الإسرائيلي، إذ ستملأ صفوفه ألوف من الجنود الذين يكرهون الجيش الإسرائيلي وكل ما يرمز إليه. هؤلاء الجنود لن يُطيعوا إلا أوامر الحاخامين، وسيرفضون إطاعة أوامر قادتهم عندما يقول الحاخامون لهم افعلوا كذا وكذا. الكثيرون سيقضون فترة خدمتهم في السجن. البعض وجد حلاً بسيطًا للمشكلة وهو في وضع حد للخدمة الإلزامية القديمة. فأفضل الجيوش في العالم وضعت حدًا لها منذ زمن بعيد، بالإعتماد على جيش متطوعين مهني، إذ أن المعركة في عصرنا لم تعد صداماً بين كتلتين بشريتين كما في الحروب الكلاسيكية القديمة، والجيش الحديث تحوّل إلى جسم مهني صغير، يستخدم عتاداً متطوراً، يستوجب اختصاصات وتجارب جمة، وكلما كان الجيش حالياً أكبر وأكثر انتفاخاً، كانت نجاعته أقل.

كتب المحلل العسكري الإسرائيلي (اليكس فيشمان) في مقال قبل أسابيع “في كل تنظيم عسكري، هناك قاعدتان أساسيتان: وحدة القيادة ووحدة الهدف، وبالنسبة للمتدينين سيكون الهرم العسكري خياراً، لكن مصدر صلاحياتهم لن يكون القائد العسكري ولا القانون وإنما الشريعة والحاخام، وليس بالضرورة الحاخام العسكري، هذا يعنى أنه إذا تم تجنيد قوات كبيرة من المتدينين سيرى الكثير منهم أنفسهم ليسوا ملزمين بالمبنى الهرمي للجيش، وهذه مسألة لا يمكن للجيش التعايش معها، كما أن وحدة الهدف لا تقل إشكالية، فهناك من سيكون مستعدا للقتل والموت دفاعاً عن الدولة والشعب، وهناك من سيُدافعون عن تقديس الرب، وعندما يتم تحويل فجوة القيم هذه من المجتمع إلى الجيش سيصل إلى أوضاع مستحيلة.. فمثلاً: هل سيتحتم الحصول على تصريح من الحاخام لتفعيل قوة معينة في الجيش في يوم السبت، أو ليلة السبت؟"

يُذكر أن الخدمة العسكرية إلزامية في (إسرائيل) لمدة ثلاث سنوات للرجال وسنتين للنساء، فيما يُشكل اليهود المتدينون 10% من السكان في (إسرائيل).

لا يُقصون مُتدينيهم ولكنهم يُحاولون استيعابهم بهدوء!!!!!!