هل تعتقد حقاً... إنها كلمة

نتحدث عن هذه المفردة المسماة " لكن " من منطلق تأثيرها على طريقة تفكيرنا وحياتنا الشخصية وسلوكنا، وبالتالي ما تتركه من نتائج في إنجاز الأعمال وعلاقتنا بالآخرين من المقربين وكذلك العابرين.

اتصل بي صديقي  يحتاج لمساعدة في أمر ما، وعدته بالحضور إليه..و لكن! لم أذهب... وعدتُ أطفالي لكي احضر لهم هدية عند انتهاء المدرسة ونجاحهم بتفوق وأن اخرج بهم في نزهة..ولكن! .... أريد أن أكتب مقالاً أشير فيه الى ظاهرة تقلقني حيثُ رأيت عيوباً و تقصيراً وتقاعساً من أحد المسؤولين..ولكن!....المدرس و المدرسة لا يقدمون التأهيل المناسب والسلوك المتوقع لأولادنا ومن المفروض أن نشتكي الى الجهات المسؤولة لوضع النقاط على الحروف ولكن! ....  أتعهد وأنا في العمل لشخص أو جهة ما، وهي من ضمن واجباتي بأن أقوم بإنجاز هذا العمل غداً ولكن! .... تعجبني فلانة وأرغب في خطبتها ولكن! ....

كثير من السلوكيات الخاطئة ترتبط بهذه الكلمة حتى أنها أصبحت كشرب الماء و القهوة في حياتنا اليومية... أصبحت سبب في تقاعسنا.. أصبحت سبب في نكث وعودنا... أصبحت سبب في كذبنا على الآخرين... سبب في خوفنا من الآخر... سبب في عقابنا... سبب في طمس حريتنا... سبب في عزلتنا وتقصيرنا في النهوض بمجتمعنا.... كْنّت مع بعض الزملاء في حلقة نقاش طُرحت فيها بعض المواضيع العامة، ومنذ بداية تحليلنا للمشاكل والمعوقات اعترضتنا كلمة ولكن! .... ياااه...على لكن..

ماهذه الكلمة التي قتلت فينا الضمائر الحية التي تربينا عليها.. لاشك أن كلمة لكن خفيفة على اللسان، لكنها ثقيلة على الإنجاز.. !

ما ماهية هذا الفيروس الذي تمكن من تعطيل مسار حياتنا والإخلال في صدقية نوايانا و أثر سلبياً في حصاد إنجازاتنا... كيف تكون كلمة.. لكن.. مبدأ أساسي في علاقتنا الإنسانية، حتى أصبحنا لا نقوم بأي شيء مثمر إلا و كلمة.. لكن أمامنا.

متى نتخلص من كلمة أصبحت كشريط لاصق على الشفاه، أم هي باتت دواء مسكن أو دواء صبر...

هل علينا أن نقرّ بأن ( كلمة لكن ) أصبحت واقعاً ملموساً لحقيقة أفكارنا و دلالة عما يجول في ذهننا.... واقعاً ملموساً في مفردات يومنا....كلما تحدثنا في أو عن شيء أو أردنا أن نقوم بفعل ما....... نراها هي الأداة والفعل داخل مجتمعنا وحتى داخل بيوتنا في كل حين وبتعدد الحالات و المناسبات...... مثل مسمار جحا كما يقولون!.

التفكير حركة..والحركة حياة..وهي الممارسة اليومية للعمل و التفكير....

ما رأيكم لو نخوض مرحلة وعي جديدة في حياتنا ونقوم باستبدال كلمة " لكن " فلنجعل منها مبادرة للمساهمة في معالجة كثير من أفعالنا و تصرفاتنا، وسلوكاً ايجابياً نتبناه في كل ما يحيط بنا ومساهمة في تغيير النظرة الاجتماعية السلبية.

دعونا نعمل التفكير في كل ما نقوم به ونخطط بشكل صحيح لما نود القيام به. إذا وعدنا بعمل شي فلنقم به ولا ندع أي شيء يحبط عزيمتنا.. لنكن صادقين مع أنفسنا ولا نتهرب من مسؤولياتنا...دعونا لا نختلق الأعذار ونبرر عدم وفائنا بالتزاماتنا بل أكثر من ذلك لنعمل جاهدين من أجل مساهمتنا الفعالة والمسؤولة تجاه مجتمعنا.. دعونا نعود لتكريس السلوك الايجابي، فلنحسن الظن بالآخر ولندفع بالتي هي أحسن... فلنهتم بما يحيط بنا من بيئة، وما يدور من حولنا.

من السهل الاستسلام للعادات الخاطئة وتكريس اللامبالاة وتبني سلوك سلبي تجاه الكثير من القضايا التي تلامس حياتنا وواقعنا في بيوتنا ومع أهلنا.. في عملنا ومع زملائنا.. في مجتمعنا ومع كل من يحيط بنا.. ومن السهل أيضاً  أن نرجع إلى أصل تربيتنا وأخلاقنا العربية في الوفاء والصدق...ومن السهل أيضاً أن نرفع راية الحق وأن نلزم غيرنا بها.. لكن بدون تجريح.           

فيكم الخير..........  وتاريخنا طويل يدل على ارتباط الفكر بالعمل الصالح، فلنبتعد عن ذاك النموذج المشوه البعيد عن جوهرنا الحقيقي والذي لا يجب أن ننفصل عنه بسبب مسارب الحياة العصرية الجديدة.

فيكم الخير........ إذ يجب علينا أن نفكر جدياً  في " واقعنا الفكري " الذي يتمثل فيه وجودنا و تطورنا، واتصالنا بالحياة المعاصرة..بعيداً عن لكن!

وسوم: العدد 696