أهل الغيب يتأرجحون بين دهاء أم فناء؟!
لا يزال الإعلام العربي يواصل مشروعه الذكي تحت شعار الإشارات، تلك التي تمر ليلا ونهارا بلا هوادة عبر شاشات التلفزيون وغيرها من الوسائل التكنولوجية الحديثة، هدفها الحفر الحثيث في طريق الحكم الإلاهية البالغة التي تدفع العامة من الناس دفعا منذ سنين للخوض في حياة فئة من المستضعفين بشكل خاص وو... وهي لا تخفى على المنتقم الجبار، الذي جعل لكل من سلوت له نفسه أن يرفع التحدي في وجهه آية في قرآنه العظيم إلى يوم الدين لقوله تعالى: "وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين" (سورة القصص، الآية 38). ومنه نقول هل أهل الغيب يتأرجحون بين دهاء أم فناء قبيل قيام الساعة؟!
ستسألونني عن هذه الفئة التي تظن نفسها الأكثر دهاء ومكرا من الخالق: هل هم أهل الغيب؟! أجل يقول الناس من العامة بل هم أعلم من محمد شفيع العالمين صلوات الله عليه وسلامه والأنبياء الأخيار عليهم السلام بما سيكون قبيل قيام الساعة!. قد يصيح قارئ هذه السطور في ذهول وتعجب لينعت صاحبها بالجنون العلني، غير أن الإجابة كافية شافية في القرآن العظيم: "قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم" (سورة الشعراء، الآية 34).
المغزى: يجب التحرر من وهم الإشارات والغيب.. أن تقول للناس أجمعين وللبشرية جمعاء: نحن الأذكياء وسنصل للهدف المنشود بكل دهاء. لا ورب الكعبة ما يفعلونه هو الافتراء والتعدي على غيب الله في إيذاء خلقه من فئة المستضعفين وو... وهو شاهد على ذلك، والذي يقول في حقه آيات نذكر منها قوله جل جلاله: "إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم" (سورة النور، الآية 15).
يمكن أن تكون هذه الفئة التي افتعلت الإشارات ولا تزال ترفع التحدي في وجه عالم الغيب والشهادة إلى يوم التغابن فئة غنية ومثقفة وذكية، ولكن بدل أن تستخدم كل ذلك في يقظة ضميرها بغض النظر عن دينها وقيمها وأخلاقها للتفكر في الله وتمجيد عظمته وإبداعه وشكره على منحه الآلاء والنعم للجميع، فهي تتبجح بجرأة مستهجنة بذكائها واستكشافاتها الغيبية وربما بأموالها وو... لتعتدي علنا على حدود الله والسعي وراء مصالحها وأهواءها لاغتصاب الحياة الشخصية لفئة مستضعفة تخال أن الله سبحانه بعيد عنها وقد نسيها في الأولى والآخرة، وهو بدوره يجيب قائلا في حقه عز وجل: "واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره" (سورة الأنفال، الآية 26).
يصف المنتقم الجبار الذي يأمن مكره من فئة السفهاء الذين يتطاولون على غيبه وعباده ممن استضعفوا في أرضه ودينه الحنيف، بأنهم صم عمي وقلوبهم غلف كإشاراتهم تلك التي أصبحت مغلفة بغلاف أو غطاء لا يعي أهلها أن قلوبهم وضمائرهم هي التي لا تعي ولا تفقه معنى خوف الله، حتى أنهم لا يخافون مكره ولا يدركون الخطأ من الصواب عموما، وما يجب عليهم فعله في لمح من البصر هو الالتفات إلى أيامهم المعدودة، لأننا جميعا تراب وسنفترش والحمد لله التراب، وخير ختام قوله سبحانه وتعالى: "ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون" (سورة الأنفال، الآية 21).
وسوم: العدد 703