من تراث العرب..

العرب وصناعة الورق

كان أهل الصين يكتبون في ورق يصنعونه من الحشيش والكلأ، وعنهم أخذ الناس صنعة الورق، وأهل الهند يكتبون في خِرق الحرير الأبيض، والفرس يكتبون في الجلود المدبوغة من جلود الجواميس والبقر والغنم والوحوش(رَقّ ج: رقوق)، وكذلك كانوا يكتبون في اللخاف وهي حجارة بيض رقاق، وفي النحاس والحديد ونحوهما، وفي عُسُب النخل وهي الجريد الذي لا خُوصَ عليه، وأحدهما عسيب، وفي عظم أكتاف الإبل والغنم، وعلى هذا الأسلوب كانت العرب لقربهم منهم، واستمر ذلك إلى أن بُعِثَ النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن والعرب على ذلك.

وأجمع رأي الصحابة رضي الله عنهم على كتابة القرآن في الرَّق لطول بقائه، أو لأنه الموجود عندهم حينئذ. وبقي الناس على ذلك إلى أن وَلِيَ هارون الرشيد الخلافة، وقد كثر الورق وفشا عمله بين الناس، أمر ألا يكتب الناس إلا في الكاغد(الورق)، لأن الجلود ونحوها تقبل المحو والإعادة فتقبل التزوير، بخلاف الورق فإنه متى مُحيَ منه فسد، وإن كُشِطَ ظهر كَشْطه. وانتشرت الكتابة على الورق إلى سائر الأقطار، وتعاطاها من قَرُبَ وبَعُدَ، واستمر الناس على ذلك إلى الآن.

كان العرب السبب في انتشار الورق في أوروبا، ويعود الفضل إليهم في نقل صناعة صينية إلى الغرب. فهل ستعود الصين إلى سابق عهدها، وهل سيلعب العرب دورًا في ذلك.؟!.

صبح الأعشى في صناعة الانشا، القلقشندي، ج2، ص 485-486.

الحمام الزاجل والأراسية:

كان الحمام الزاجل من أهم وسائل الاتصال بين العاصمة والأقاليم. يروى أن أول من اعتنى به نور الدين زنكي في الموصل، وحافظ عليه الخلفاء الفاطميون بمصر، وبالغوا حتى أفردوا له ديوانًا وجرائد بأنساب الحمام. وقد أقاموا في المدن الرئيسة أبراجًا لاستقبال الحمام وقراءة البطاقات المربوطة في أرجله. يروى أن الحمام الزاجل كان يقطع المسافة بين دمشق والقاهرة وبين تونس ومصر. في قرية عاره تل يسمى البرج. كانت فيه آثار لمدينة كنعانية، ومحطة لاستقبال الحمام الزاجل والبريد.

يروى أن العزيز ثاني خلفاء الفاطميين بمصر ذكر لوزيره يعقوب بن كلس أنه ما رأى القراصية البعلبكية، وأنه يحب أن يراها، وكان بدمشق حَمَام من مصر وبمصر حَمَام من الشام، فكتب الوزير بطاقة يأمر فيها مَنْ بدمشق أن يجمع ما بها من الحمام المصري، ويعلق في كل طائر حَبَّاتٍ من القراصية البعلبكية، وتُرسل ففعل ذلك، فلم يمض النهار إلا وعنده قدر كثير من القراصية، فطلع بها إلى العزيز من يومه.

والقراصية هي البرقوق المجفف. وقد وردت في الأغنية : الأراسية منين منين ياللي سقوها بدمع العين.!.

صبح الأعشى، القلقشندي، ج2، 90، 97.

وسوم: العدد 704