قصف مكة بالصواريخ!

د. عبد السلام البسيوني

وقد وصلت أصوات الحقد إلى حد دعوة كاتب يهودي إلى قصف رموز الإسلام في السعودية، حيث جاء على لسان أحد الحاقدين قوله: في مكة يوجد برجان طويلان، في شكل منارتين شامختين تحيطان بعلبة سوداء عريضة، يعبدها المؤمنون، ويتجهون إليها في حجهم المقدس. وإلى هذا الشيء الرمزي يتجه كل المسلمين في صلواتهم: لا بد أن يعلم الجهاديون بشكل لا لبس فيه، سواء بالإعلان الصريح أو من خلال القنوات الخاصة، أن أي اعتداء قادم على هدف غربي سيكون الرد عليه ضربة عسكرية مباشرة ومدمرة ضد واحد من رموز الإسلام الأساسية، لا بد من إقناع المسلمين بشكل لا لبس فيه أن المسلمين لن يجدوا أي قبلة يتجهون إليها حينما يحنون ظهورهم لعبادة (إله الخراب) الذي يعبدونه.

ويورد منتصر حمادة - من خلال كتاب البشاري أيضاً - خلاصات صورة الإسلام في الإعلام الغربي؛ من خلال تحليل نتائج أهم الدراسات التي أجريت حول تحليل المضمون لموقف وسائل الإعلام في أوروبا من قضايا الإسلام والمسلمين، وكيفية تناول ومعالجة هذه القضايا الهامة والحساسة، فيتوصل إلى مجموعة من الخلاصات الهامة، لا بد من أن نأخذها بعين الاعتبار عندما نعالج سبل مواجهة هذا الواقع التضليلي، البعيد عن الصورة الحقيقية التي يمثلها الدين الإسلامي السمح، وهذا على الرغم من ثقل ذلك العائق الذاتي الذي تجسده ممارسات بعض المسلمين قديماً وحديثاً، والتي تمثل ذريعة عند اللوبيات الغربية، وفي مقدمتها اللوبيات الإعلامية اليهودية، من أجل ترسيخ هذه الصور المغلوطة، ويكفي صدور بعض الممارسات المخلة بالتعاليم الإسلامية عن هذا المسلم في الدول الأوروبية أو في العالم الإسلامي، حتى تستغل الآلة الإعلامية الغربية وتنخرط في مسلسل تكرار عرض هذه الصور.

وإجمالاً، يمكن حصر أهم الصور النمطية التي يتم ترويجها عن الإسلام في مختلف وسائل الإعلام الأوروبية:

- جاءت صورة الإسلام بصفة عامة في وسائل الإعلام الأوروبية المختلفة، سواء الصحف أو المجلات والإذاعات والتلفزيون صورة سلبية وسيئة ومشوهة في الغالب، فالصورة كانت منفرة، ولقد وصف المسلمون بأوصاف بدائية وهمجية، إلا في القليل جداً من المعالجات الإعلامية، والتي تبقى غير ذات تأثير مقارنة مع السائد، إضافة إلى كونها مرتبطة بصاحب التغطية الذي يكون موضوعيّاً في كل ما يقدمه، وليس بالنسبة للقضايا الإسلامية فقط.

- كان هناك نزوع نحو ما يطلق عليه في لغة الإعلام بشيطنة العدو، والعدو هنا في العديد من الحالات يتمثل في الإسلام والمسلمين، ويقوم هذا المبدأ على التحويل المعنوي لهذا العدو إلى شيطان، أي شر مستطير ومتجسد، أو نزع الصفة الإنسانية عن العدو بحيث يستحق عقاباً صارماً يسمح للمضطهد أن يمارس اضطهاده على المضطهَد، دون أن يكون مطالباً بتطبيق الشرائع، ومواثيق حقوق الإنسان المعروفة في التعامل مع البشر.

- ربط الإعلام الأوروبي بشكل كبير بين الإسلام كدين، وبين ممارسات بعض الحركات الإسلامية المتشددة، وفي كثير من الأحيان لم يفرق هذا الإعلام بين المسلم المعتدل في ممارسته الدينية، وبين المسلمين المنتمين لجماعات إسلامية تختلف في أطروحاتها وفي حركيتها، ويتأرجح هذا الاختلاف ما بين الاعتدال والتشدد، وقد تم استغلال أحداث تورط فيها بعض الإسلاميين المتشددين، من أجل إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين، ولقد اعترف العديد من الإعلاميين بوجود صورة خاطئة عن الإسلام والمسلمين في مختلف وسائل الإعلام الأوروبية.

- استخدمت وسائل الإعلام الأوروبية عدة وسائل لإبراز الصورة السيئة للإسلام والمسلمين، من قبيل العناوين المثيرة، التي تبعث الخوف والقلق لدى الرأي العام الأوروبي، والتكرار والاجترار المستمر؛ خاصة في أحداث العنف والربط بين الإسلام والإرهاب، والضرب على وتر المشاعر والأحاسيس الإنسانية؛ باستخدام صور وعبارات مؤثرة نفسيّاً وموحية بالمعنى الذي تسعى هذه الوسائل إلى إيصاله، وباتخاذ الموقف الذي تطمح إليه، ثم التأثير على المتتبع مستغلة جهله بالإسلام واعتماده على ما تقدمه له من معلومات وأحكام جاهزة، ومستغلة كذلك المصلحة الشخصية والقومية بتصوير المسلمين والإسلام على أنهم يشكلون الخطر والعدو.

- تركز وسائل الإعلام الأوروبية على بعض الأفكار الحديثة في الجوانب الخاصة بالإسلام والمسلمين، مثل فكرة صدام الحضارات التي قدمها المفكر الأمريكي صامويل هنتنغتون، والترويج الإعلامي لأن الإسلام هو العدو البديل للشيوعية، إلى جانب قضية الأصولية، والجماعات الإسلامية، وإيديولوجياتها؛ باعتبارها موضوعات مرتبطة بالإسلام والمسلمين.

- لم تستطع احتجاجات قادة وزعماء الأقليات المسلمة في أوروبا على الخصوص، رداً على المعالجات الإعلامية الخاطئة للإسلام والمسلمين (والتي نتج عنها أحياناً تقديم اعتذارات رسمية من كبار المسؤولين في أجهزة الدول ببعض الدول الأوروبية) من إيقاف هذه الحملات الإعلامية المسمومة ضد الإسلام والمسلمين، لأنه لا يمكن التحكم في وسائل الإعلام، والتدخل في عملها، وفق القوانين المعمول بها هناك؛ إلا أن بعض التحسن قد طرأ على قليل من المعالجات الإعلامية في هذه القضية، كما بدأت بعض الوسائل تتجه نحو الموضوعية في عرض القضايا الإسلامية، نظراً للتدخل النوعي القادم من لدن الأقليات الإسلامية في بعض الدول الأوروبية.

وعموماً، يمكن تلخيص أهم عناوين الصور المغلوطة عن الإسلام في النقاط التالية:

الإسلام دين العنف والإرهاب/ لم تكن الفتوحات الإسلامية سوى توسعات استعمارية ذات طابع اقتصادي للحصول على الغنائم وفرض الجزية/ الإسلام دين وحشي في تطبيقه للحدود والعقوبات/ الإسلام ضد الديمقراطية وحقوق الإنسان.

المسلمون يعبدون إلهاً مختلفاً/ الإسلام انتشر بالسيف/ المسلمون هم العرب.

الإسلام يضطهد المرأة (وهنا يمكن التركيز كثيراً على قضية الولاية والزواج والعصمة والقوامة)... إلخ وهي من الأكاذيب الشائعة، والباطلة.

الإسلام يظلم المرأة في الميراث/ المسلمون يتزوجون بأربع نساء/ المسلمون أناس متخلفون بربريون/ محمد هو مخترع الإسلام والمسلمون يعبدونه.

الإسلام دين ضد السامية (من خلال تحريف الآيات القرآنية التي تتحدث عن قضية اليهود)/ المسلمون لا يؤمنون بعيسى عليه السلام/ الإسلام ضد حرية الاعتقاد/ الإسلام يحرم الفنون والموسيقى والرسم النحت/.

ليس القرآن سوى تأليف بشري، وليس وحياً ربانياً/ الإسلام يعادي الحضارات الأخرى/ الإسلام دين رجعي/ كان محمد صلى الله عليه وسلم رجلاً شهوانياً/ الإسلام ضد العمل، وهو دين تواكلي/ الصيام يقلل حركة الإنتاج/ الزكاة تقلل من الأموال.

إن هذا التصور الغربي المعاصر عن الإسلام مدهش - كما كتب عبد الرحمن عبد الوهاب تحت عنوان براكين الغضب في (الشعب) إنه موروث قديم لديهم صورته في مثل رواية Treasure Island  في تمجيد القرصنة، واللصوصية، والقتل! وهذا التصور ما يزال كائناً في قاع الذهن الغربي، ويتعامل على أسسه ومنطلقاته..

فلقد كان الشعار الذي يعلقه جنود الغرب، الذين مروا على يابسة العالم:

Join the army , see the world, meet interesting people, and kill them!

التحق بالجيش.. شاهد العالم.. قابل أناس طريفين.. ومن ثم اقتلهم..

يقول أحدهم: الجندي يحارب طويلاً وبقسوة من أجل جزء من شريط ملون.. إنه المجد!

A soldier will fight long and hard for a bit of colored ribbon that is

Glory!

وسوم: العدد 704