علماء الجزائر الأحياء والأموات
معمر حبار
قال لمحدّثه غاضبا .. كان عليك أن تأخذ من علماء الجزائر الأحياء !. وبما أنه لأول مرة في حياته، يقرأ ويسمع مثل هذا القول، استغرب وقال ..
كيف يمكن أن يحسر العلم في الأحياء دون الأموات؟ !. وكيف يمكن أن يقال عن الجزائر التي لاينضب فضلها، أن علماءها من الأحياء فقط، دون الأموات؟!.
منذ يومين اشتريت سلسلة من 8 مجلدات، بمناسبة تلمسان عاصمة للثقافة 2011. كل مجلّد يحتوي على مجموعة من علماء الجزائر في مختلف العلوم، ومنذ قرون غابرة.
وأخرى لم استطع اقتناءها، منها الأعمال الكاملة لشيخ المؤرخين، أبو القاسم سعد الله، رحمة الله عليه من 52 مجلد، والتي ذكر فيها كما هائلا من العلماء الجزائريين عبر القرون، وفي مختلف العلوم.
والأعمال الكاملة للمؤرخ يحي بوعزيز، رحمة الله عليه، التي تحتوي على علماء جزائريين. و3 مجلدات أخرى حول أعلام الجزائر.
ومجلدات أخرى طبعتها وزارة الثقافة مشكورة، لم تستطع الذاكرة حفظ أسماء علماء الجزائر لكثرتهم وغزارة علمهم، وتنوع تخصصاتهم، وعمق اجتهاداتهم.
إن من يقول عليك بعلماء الجزائر الأحياء، يتّهم الجزائر بالعقم، وأنها لم تلد علماء من قبل. وبعد سنوات وحين يموت علماءه، سيقول حينئذ عليك بعلماء الجزائر الأحياء والأموات. وكأن الجزائر ولدت يوم ولد الذي يراه عالما. فتاريخها في العلم والإنجاب، تبع لتاريخ ميلاد عالمه !.
إن الصهاينة حين أقاموا دولة على غفلة من أصحاب الديار، أحيووا تاريخا يمتد لعشرين قرنا من الزمن، فافتخروا بما أنجبتهم القرون من علماء، فنالوا فيما بعد جوائز نوبل في علوم شتى، وتربعوا على هرم العلم، يعطونا من رضوا عنهم، ويدمرون بما أوتوا من قوة العلم ممن غضبوا عنه، ولا يريدونه أن ينافسهم في علم الآباء والأحفاد.
نكران فضل علماء الجزائر القدامى، يعدّ من النهب المنظم، والخراب المسطر الذي يأتي على القواعد، فيخرّ السقف من فوقهم. فهو في الجرم والفضاعة، يفوق ماتتعرّض له الجزائر من نهب لخيراتها، والسطو على مارزقها الله.
لم يعرف في تاريخ الشعوب والأمم، أن أبناءها تنكّروا لعلماءهم الأموات، وأنهم قسّموا الأحياء والأموات من العلماء إلى قسمين ..
قسم لحومهم مسمومة، فهم العلماء المعترف بهم. وقسم من العلماء لحومهم مباحة، سواء كانوا من الأحياء أو الأموات.
إذا كان العلم لاوطن له، وأن الميت أولى بالأخذ من الحي، لأنه أضمن في عدم التغير والتبدل. فإن من تمام العلم أن يعرف المرء فضل الأموات من العلماء، ليعرف قدر الأحياء. ومن لم يعرف فضل ميته، بقي ميتا.