في العمل الجماعي المنظم : الحياة الحزبية
كثيرون من الأصدقاء يشككون ويطعنون ويتسامون على العمل الجماعي المنظم ، أو ما يسمى الحياة الحزبية ، كمبدأ ، وليس كتطبيق أو توصيف لهذا الحزب أو ذاك ، أو لهذه الجماعة أو تلك ، بعضهم يفعل ذلك من منطلق مدني ، فبعضهم يتصدر مجلسا ليقول لم أنتمِ إلى أي حزب في حياتي ، وبعضهم يفعل ذلك من منطلق ديني متمترسا بقوله تعالى ( كل حزب بما لديهم فرحون ) ...
للذين يشككون في قاعدة الحياة الجماعية المنظمة ( الحزبية ) ، من منطلق مدني يتذرع بالموضوعية نقول : إن الحياة الجماعية الحزبية هي قاعدة الحياة السياسية في العالم بشكل عام من شرقه إلى غربه ، وفي كل دولة أو مجتمع مجموعة من الأحزاب ، تتميز وتتنافس حسب برامجها ، وأطروحاتها منها اليميني ومنها اليساري ومنها السياسي ومنها الاقتصادي ومنها الاجتماعي ومنها الإنساني . وهكذا نسمع في الولايات المتحدة : الديمقراطيون والجمهوريون ، وفي بريطانيا المحافظون والعمال ، وفي ألمانيا الديمقراطي المسيحي ، ونسمع بأحزاب الخضر ، وبأحزاب البيئة ، فليست السياسة وحدها هي ما يجمع الناس ويفرقهم ..
أما الذين يشككون في قاعدة الحياة الجماعية المنظمة ، الحياة الحزبية ، من منطلق الفقه والشريعة الإسلامية الغراء ، فنقول : إن آيات القرآن الكريم التي تحض المسلمين على أن تكون منهم ( أمة ) ، والأمة هي الجماعة، تدعو إلى الخير ، والتي تأمرهم أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم ، والتي تأمرهم أن يتعاونوا على البر والتقوى أكبر من أن يجادل فيها المجادلون ..
ما نناقشه هنا ، هو مشروعية (الحياة الجماعية المنظمة ) أو ما يسمى ( الحياة الحزبية) ، من حيث المبدأ بغض النظر عن الكيانات والأسماء والمسميات ، أو عن صلاحية هذا الحزب أو ذاك ..
إن التعاون على البر والتقوى ، والتواثق على نصرة المظلوم والتصدي للظالم ،على نحو ما جرى في حلف الفضول ، هو مطلب إسلامي شرعي عام ، وحين يجد المسلمون أن أهل الباطل وفرق الشر قد تحزبوا وتنظموا وتجمعوا تحت رايات باطلهم ، لحرب الإسلام ، وإشاعة الفساد بين الناس ؛ يصبح اجتماع أهل الصلاح والدعاة إلى الخير للتعاون في التصدي لشر الأشرار أشد وجوبا ..
إن اجتماع أهل الخير والبر هذه الأيام ، من خلال عمل مبرمج منظم هادف ، ومشروع مركزي ، هو فريضة جماعية كفائية على أهل الإسلام ، للتصدي لأصحاب المشروع الصفوي الشيعي الذين يحاربون الإسلام والمسلمين ، في عقر دارهم ،بمشروع منظم له قادته وله خططه وله منفذوه ، فلا ينفع أن يحاربونا جميعا وأن نواجههم أفرادا متفرقين متنابذين ..
وكما ن اجتماع دعاة الخير من أهل الخير والبر من المسلمين للتصدي للطغاة الأشرار المستبدين الذين اغتصبوا أمر الأمة ، وراحوا يسومون أبناءها سوء العذاب ، ويسوسونها بالفساد والإفساد من أمثال حافظ وبشار والسيسي هو فريضة جماعية كفائية لا يحق للمسلمين أن يتخلفوا عنه ، بل يجب أن يجتمعوا للتعاون عليه ، فلا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ..
وإن اجتماع دعاة الخير من أهل البر والصلاح من المسلمين للتصدي لمشروعات الإفساد ، والفساد ، ومشروعات تشكيك أبناء وبنات المسلمين في دينهم ، وتربيتهم على أخلاق أهل الريبة ، وبالتالي عصمة أبناء المسلمين وبناتهم من الانحلال والضياع هو فريضة جماعية كفائية لا يحق للمسلمين أن يتخلفوا عنها ، بل أن يبذلوا وسعهم للتعاون على القيام بأعبائها ..
وحين ينجم أمر أهل الغلو ، على اختلاف طرائقهم فيجتمعون على باطلهم ، وتكون لهم رايات وعناوين ودعوات يتعاون على نصرتها نفر من الأدعياء وتدعمها إرادات الأعداء والغرباء لتدمير الإسلام ، يجب أن يصبح التصدي لمشروع الغلو هذا فريضة شرعية كفائية يجب على أهل الإسلام أن ينفروا متعاونين منظمين للتصدي لها بالتعليم والتفقيه والعمل الهادف المنظم في كافة الميادين ..
وهكذا في كل معروف جماعي يجب أن يكون لأهل الإسلام إطار جماعي يتعاونون من خلاله على الأمر به ، وفي كل منكر جماعي ، يجب أن يكون لأهل الإسلام إطار جماعي يتعاونون من خلاله على التصدي له ، لإنكاره وإبطاله ..
يجب أن يتم كل ذلك من خلال علم وفقه وعلى بصيرة وتقوى من الله ورضوان ...
الواجب الكفائي هو الواجب الذي يؤجر القائم عليه ، ولا يأثم القاعد عنه ، ما وجد من جماعة المسلمين ، من يقوم على الأمر ويسد الثغرة ..
هذا كلام في المبادئ العامة ..
ومن كان عنده علم غير هذا سواء على مذهب أهل الدين أو على مذهب أهل الدنيا فليخرجه لنا ..
اللهم اجعلنا هادين مهديين ، غير ضالين ولا مضلين ، نحب بحبك من أحبك ن ونعادي بعداوتك من عاداك ...
اللهم آمين
وسوم: العدد 719