حلب مطلع القرن العشرين من عربات الحناتير الى حافلات الترام الكهربائية!!

رغم التوسع العمراني الذي شهدته حلب في مطلع القرن العشرين, فقد بقيت وسائط النقل مقتصرة على الدواب, وكانت مكانة الراكب الاجتماعية هي التي تحدد نوع المركوب, فلأغنياء ذو المكانة الرفيعة ركبوا الحمير البيض, اما الفقراء فقد ركبوا الحمير السود او الرمادية, وكانت الرهونة أو الحصان او الفرس وسيلة الانتقال الفردية السريعة, اما العربة (الحنتور) التي تجرها الخيل, فكانت احدى وسائل النقل التي ركبها الميسورين من ابناء المدينة, وكانت عربات الحناتير تعمل كوسيلة نقل عامة في حلب, ووجد لها اماكن تجمع في الساحات (الجميلية – تراب الغرباء – باب الفرج – باب الحديد – العبارة).

دخلت الدراجة العادية الهوائية كوسيلة نقل فردية حديثة عام 1902م. وظهرت السيارة لأول مرة في حلب عام 1909م.

وبناء على طلب اهالي حلب من الحكومة العثمانية بتنوير مدينة حلب بالأنوار الكهربائية وتسيير ترام كهربائي, وحددت المسارات وتمت الاعمال من قبل شركة فرنسية (تراموي) ونفذت الاعمدة وشبكة الاسلاك الكهربائية والخطوط الحديدية الارضية من عام 1927-1929م, وسيرت اول حافلة ترام يوم الجمعة 28\12\1928م, على خط الجميلية جب القبة, ولكن حصل حادث مروع اصطدام عربة حنتور مع حافلة الترام, وكثرت الضحايا تحت عجلات هذه الالة السريعة التي سموها (بنات عزرائيل), وتناقلت الصحف الحدث بتنبيه الاهالي باتخاذ الحذر والبصيرة أثناء السير والانتقال عبر خطوط حركة الترام.

بدأ بتسيير حافلات الترام الكهربائية رسميا عام 1929م, وحركة نقل على ثلاث خطوط: 

(1) الخط الاول: الجميلية – باب الفرج – قسطل الحجارين – خان الحرير – وبلغ طوله 1957م, وسيرت عليه ثلاث عربات.

(2) الخط الثاني: الرمضانية – الحميدية – النيال – الاطفائية – التلل – باب الفرج – باب جنين – باب انطاكية – وبلغ طوله 2339م, وسيرت عليه ثلاث عربات .

(3) الخط الثالث: الجميلية – باب الفرج – باب النصر – جب القبة – برية المسلخ – وبلغ طوله 3000م, وسيرت علية خمسة عربات. واتخذت اجراءات الامان بمنع مرور عربات الدواب في جادة الخندق لسلامة سير الحافلات دون عوائق, وبعد تدشين دار الحكومة (السراي) اصبحت الحاجة الى تمديد الخط 3 ونفذ عام 1938م, وتم زيادة الحافلات على الخطوط جميعا وبلغ عددها 21 حافلة, وجعلت اقسام من الخط 3 مزدوجة, وبقيت جميع الخطوط وسيلة نقل عامة خلال عشرون عاما.

وفقا لعقد الاستثمار لشركة تراموي, وبناء على رغبة الحكومة السورية, في عام 1951 صدر مرسوم تأمين الكهرباء والنقل المشترك بالحافلات الكهربائية والمياه. وفي عام 1955م,تم الغاء قسم باب الفرج – قسطل الحجارين, وفي عام 1956م, تم الغاء قسم باب الفرج الرمضانية, وفي نفس العام 1956م, الغيت عربات الحنتور بالرغم مماله من قيمة تراثية وصدور مرسوم الالغاء 1956م, واعطى لكل مالك عربة حق الحصول على ترخيص نمرة سيارة نقل صغيرة., جعل خط الترام مزدوجا من برية المسلخ الى القصيلة في عام 1957م والغي قسم الدرجة الاولى لإزالة الفوارق الطبقية, وفي عام 1969م توقفت الحافلات الكهربائية (الترام) عن العمل في حلب, واستبدل النقل العام بتأمين سيارات نقل عامة(باصات نقل داخلي).

اخيرا: تلك مسيرة نقل عامة جماعية استمرت من 1929 حتى 1969 اربعون عاما اضفت على مدينة حلب ذاكرة شعبية من تراثها العريق.

وسوم: العدد 721