خواطر حول سورة الشمس

"والشمس وضحاها"

الله عز وجل يقسم بالشمس وهي ساطعةٌ في وضح النهار لأنها أوضح ما علي وجه الأرض للإنسان فلا يعمي أحد عن رؤيتها أو استشعار حرارتها و يحن من غيبته قضبان الطاغوت إلي قبلتِها علي خد الوجود.

"والقمر إذا تلاها "

اي تلاها في الإنارة، وهو آية أخري من آلاء الله يصدع بالضوء ويصدح بالأراجيز في الليل البهيم و لا يقدر أحد علي إنكار نوره أو الإستشعار بوجوده في السماء ، كوجه إمرأة مؤمنة من خلف نافذة المساء .

"والنهار إذا جلاها"

ثم يقسم الله جل وعلا بالنهار وهو يغزل خيوطه بمغزل الشمس فتصحو همسات الفجر و يتنفس الضوء بالندي علي شفة الزهور ويسود الضياء.

"والليل إذا يغشاها"

ويقسم الله جل جلاله بالليل حين يحجب الشمس عن الأرض والسماء فيسود الظلام ويأوي كل ذي أهل لأهله بعد طول سعي في النهار ،وقد ينتشر عسس الطاغوت لجمع المؤمنين من البيوت فالله يقسم بأن الشمس قد تحجب قليلا لكن سرعان ما ستشرق مرة أخري.

"والسماء وما بناها"

ثم يقسم الله جل وعلا بالسماء و رفعها بغير عمد- فما هنا مصدرية لتعظيم شأن السماء -  وفي هذه السماء ترسم الشمس لوحتها في الكون ويعزف القمر أراجيزه في الكون.

"والأرض وما طحاها"

أي دحاها بمعني وبسطها وإمداد أطرافها إلي حيث يسعي البشر في الدنيا الي اقدارهم سعيا حثيثا.

"ونفس وما سواها"

اي سوي ملامحها واعضاءها في جسد بشري ،وهي التي رفعته وزكته عن باقي الكائنات من حيوانات وطيور حين يرتقي بنفسه الي صفوف الملائكة ويدخل الجنة "قد أفلح من زكاها"

، او يهوي بنفسه الي مصاف الحيوانات وحينها هو أخس من البهائم فهو يساق لأقداره مثلها يضرب ويتحرك وقد تمنح البهائم قدر من الحرية بالقفز في الهواء او الركض في العراء وهي تعبد الله  اما  هم فقد ارتضوا الرسف في قيود الشياطين و ظلام الطواغيت "وقد خاب من دساها".

" فألهمها فجورها و تقواها"

.اي عرفها معني الفجور والتقوي وأراها سبلهما

وهذه النفس البشرية ما هي الا الرعود والبروق والليل الناشئ حول

.الغيوم الخلّب والحرائق المندلعة في غابات الجاهلية .

أو هي المطر والخضرة والشمس الناشئة حول السحاب الأبيض الممطر في وجدان ابن آدم وهو يتحرك في الحياة الدنيا الي الآخرة في صراط .مستقيم

وكل ذرة في جسد بن آدم مسيرة تماما كما ان كل ذرة كون مسيرة تماما وآلية تسييرها كآلية تسيير كل الكائنات الأخري أما أفعاله الناتجة عن حركة جسده وكل أعضائه الخارجية كالسمع والبصر و والشم واللسان والأيدي والأقدام ،المحكومة بغيمة الشعور المنعقدة عليه في كل ثانية هي ما جعلته مكلفا بحساب لأنه وفقا لها سيحسن أو سيسئ وليس له اختيار في ذلك فقد كان اختياره قبل بدء الحياة اما في الدنيا فهو يري بعينه في الدنيا ما قدره الله له في كل ثانية تقديرا جبريا وينعقد فيه أثناء سيره في أقداره الحتمية تياى شعور في عالم خفي .

وليس معني ذلك تبرير المعصية بالقدر فذلك كبر من الشيطان فحياة

المؤمن توبة يعقبها توبة ما بينهما معصية وهو يعدّ الصغيرةَ كبيرة والغفلةَ عن الطاعة معصيةً ..

هكذا حياة المؤمن!

"كذبت ثمود بطغواها ،اذ انبعث أشقاها ، فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها ،فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها"

و بدء بتقرير حالة من قصص الأولين وهو مجتمع كمجتمعاتنا أتاهم رسول من عند الله فمنهم من آمن ومنهم من كفر.

"كذبت ثمود بطغواها "

أي دفعتها طغواها تلك، إلي تكذيب آية الله إليهم مع نبيه صالح عليه السلام. فباء بطغواها سببية بمعني من طغواها .

""إذ انبعث اشقاها

وقال( انبعث )ولم يقل( بُعِثَ اشقاها ) دلالة علي أن قومه الذين بعثوه بعد طول تآمر منهم علي أذي نبي الله فبعثوه ليذبحوا ناقة الله إليهم تمهيدا لقتل نبي الله صالح لن يغنوا عنه من الله شيئا وأن الله يسوي عليهم العقوبة فرادي فمن ظلم فعليه ظلمه ولن ينفعه قومه.

"فقال لهم رسول الله ناقةَ الله وسقياها"

أحذركم عقر ناقة الله وسقياها لكم، فعذاب الله ينتظركم.

"فكذبوه فعقروها "

أي كذبوا وعيد الله لهم وقالوا لن يمسنا عذاب من الله فنحن لا نؤمن به ولا نؤمن بنبوتك يا صالح وسنفعل ما نشاء وسنذبح الناقة التي أتيتنا به لتصرفنا عن آلهتنا أيها الساحر. وما كان ذبحهم للناقة الا محاولة لاشباع رغبات الطغيان فيهم تمهيدا لقتل المؤمنين مع نبي الله صالح.

"فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها"

فجاءهم عذاب الله بالصيحة من فوقهم و الرجفة و من تحتهم سواءٌ عليهم هذه العقوبة ؛أي الدمدمة ،وصعدت أرواحهم لمن خلقها لتلقي عقابها علي كفرها  في جهنم خالد

ين فيها بعد أن حق عليهم القول فارسلت عليهم حجارة من السماء.

" ولا يخاف عقباها"

فهو الله القهار الجبار فاعتبروا يا أولي الأبصار!

وسوم: العدد 722