مصر الخلود

مصر كنانة الله في أرضه بلد الأنبياء ومسكن العلماء والعلم والجهاد وأم البلاد والمجاهدين والعباد وقهرت كل من أراد النيل منها ووصلت بركاتها إلى العرب والعجم .. نذكر للتاريخ أن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه أرسل إلى عامله في مصر أن يصنع كسوة للكعبة المشرفة وكانت ترسل من مصر إلى مكة وصلاح الدين أقام بمصر مع كثير من قواده وقد ذكر الله تعالى مصر في القرآن صراحة في أربعة مواضع في الأية 21 والآية 99 من سورة يوسف والآية 87 من سورة يونس والآية 51 من سورة الزخرف وأشار الله تعالى إلى مصر ولم يصرح باسمها في 30 موضعا وكانت خزائن الارض في مصر ولم يذكر الله تعالى قصة نهر في القرآن إلا نهر النيل ووصى النبي صل الله عليه وسلم الأمة كلها بمصر وبأهلها فقال : ( إذا فتحتوا مصر فاستوصوا بمصر خيرا فإن لهم ذمة ورحما ) وفي لفظ قال : ( فإن لهم ذمة وصهرا ) رواه مسلم .

هاجر زوجة إبراهيم عليه السلام وأم إسماعيل مصرية من القبط ومارية سرية رسول الله عليه الصلاة والسلام وأم إبراهيم مصرية أيضا وفي مصر الجبل الذي كلم الله تعالى نبيه موسى عليه وفي مصر الربوة التي أوى إليها عيسى عليه السلام وفي مصر رباط الإسكندرية الذي رابط فيه العلماء والزهاد والعباد والمجاهدون والأبطال وفي مصر جامع عمر ابن العاص صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو أول جامع بني في قارة أفريقيا وقد ضبط قبلته جماعة من الصحابة قدروا بثمانين صحابي اجتمعوا عنده عند بنائه وقدروا قبلته وفي مصر الجامع الأزهر صاحب الفضل المشهور وحارس الدين واللغة العربية.

مصر قادة الأمة الإسلامية أكثر من 265 سنة وكانت الخلافة في مصر من بعد انقطاع الخلافة من بغداد والله تعالى اختار من مصر الأنبياء وسكنوا فيها فالخليل إبراهيم جاء إلى مصر مع زوجه سارة وتزوج هاجر المصرية ويعقوب عليه السلام دخلها مع أبنائه ويوسف عليه السلام سكن مصر وحكم فيها وتوفي ودفن فيها وموسى وهارون عليهما السلام ولدا في مصر وعاشا فيها ويوشع ابن نون ولد وعاش في مصر والخضر وأيوب وأشعيا وأرميا عليهم السلام دخلوا مصر ومنهم من مات فيها .

وسيدنا محمد صل الله عليه وسلم كانت جدته هاجر مصرية وأم ولده مارية مصرية وماء زمزم تفجر إكراما لامرأة مصرية ولابنها وهاجر المصرية عندما سعت بين الصفا والمروة خلد الله تعالى فعلها وأمر الأنبياء وسائر الأولياء والحجاج والمعتمرين بأن يسعوا كسعيها وأم موسى عليه السلام مصرية وآسيا امرأة فرعون مصرية والمرأة الصالحة التي كانت ماشطة لبنت فرعون مصرية وقد سكن مصر بعد فتحها جماعة من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم وبلغ عدد الصحابة الذين دخلوا مصر أو سكنوا فيها أو زاروها أو حكموها أو دفنوا في ترابها أكثر من 350 صحابي ونذكر منهم : عمر ابن العاص وعبد الله ابن أبي السرح وعبد الله ابن عمر وجابر بن عبد الله بن حرام والزبير بن العوام وعبد الله ابن الزبير وسعد ابن أبي وقاص وعبادة بن الصامت وعبد الله بن عباس وعمار بن ياسر وأبو أيوب الأنصاري وأبو ذر الغفاري وأبو الدردراء وأبو هريرة وفي مصر ولد خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز.

لن ينسى التاريخ أبطال مصر الذين ردوا الحملة الصليبية التي قادها ملك فرنسا واستولى على دمياط فكمن له أبطال مصر وأذاقوه سوء العذاب وأبادوا جيشه وكانوا عشرات الآلاف ثم اخذوا هذا القائد الفرنسي وحبسوه في دار تسمى دار ابن لقمان في المنصورة ووضعوا القيود في يديه ورجليه ووكلوا به حارس يسمى صبيح ثم فدا نفسه بأموال كثيرة عظيمة فأطلق ثم لما وصل إلى بلده حدثته نفسه أن يعود مرة أخرى لغزوا مصر وجعل يجند الجند لذلك فأرسل إليه جمال الدين ابن مطروح قصيدة شعرية فلما وصلته فزع واضطرب وعدل عن غزو مصر ومن المصرين الأبطال سلطان المماليك قطز الذي قاد معركة عين جالوت ومن المصريين الأبطال ضباط وجنود شاركوا في حرب فلسطين وصدوا العدوان الثلاثي الذي قامت به انجلترا وفرنسا وإسرائيل على مصر عام 1956 وأبطال سطروا البطولات والمعجزات وقهروا المستحيلات في معارك الاستنزاف خلال فترة الستينيات وفي معارك أكتوبر 1973 .

وبرغم كل هذا وجدنا من يهين مصر ويقتل الأبرياء ويحرق المنشآت والمرافق ففي عام 2012 نفذ الإرهاب 6 عمليات خلفت 26 شهيدا و ( 35 ) مصابا وقد سقطت الجماعة الإرهابية في 30 يونيو عام 2013 وبعد هذا السقوط تم تنفيذ 16 عملية إرهابية خلفت 79 شهيدا و ( 124 ) مصابا وفي عام 2014 تم تنفيذ 14 عملية خلفت 61 شهيدا و ( 59 ) مصابا وفي عام 2015 تم تنفيذ 17 عملية خلفت 113 شهيدا و ( 142 ) مصابا وفي عام 2016 تم تنفيذ 20 عملية إرهابية خلفت 149 شهيدا و ( 240 ) مصابا وودعت محافظة الشرقية في 4 سنوات 233 شهيدا ومهما فعل أولئك فإن الأشخاص إلى الفناء أما مصر فهى الخلود .