أنا أقف أمام ملك الملوك
لكي تقف أمام ملك أو رئيس أو حتى أمام قائد كبير أو شيخ زاوية شهير أو رئيس حزب سياسي نافذ في المجتمع ، لابد أن تخضع للبحث عن هويتك السياسية وعن مكانتك الاجتماعية وعن أسباب وحيثيات ودواعي هذا الوقوف ، ولا بد من أسئلة أخرى لا أعلمها ولا يمكن لي تصورها ، ستطرح عليك لمعرفة المرامي والأهداف التي تريد الوصول إليها أو تحقيقها من وراء اللقاء ولا بد من تحديد المكان والزمان والموضوع الذي تنوي التحدث فيه ، وويلك إن زدت كلمة أو أنقصتها أثناء اللقاء ، ناهيك عن ضرورة بعد الموعد وطول الانتظار ومراسيم وبروتوكولات وشروط أخرى لا أعلمها ، وحتى إن علمتها فمن المستحيل علي أن أستوعبها لعدم خضوعها للمنطق العقلي والدين وعرف المجتمع الذي انتمي إليه .لا بد من الالتزام بالشروط ، إن سمح لك بالوقوف أمام الملك أو الرئيس أو أي مسؤول آخر ممن ذكرت سابقا ، دون أن تنسى ما ينتابك من الخوف الذي تفقد معه السيطرة والتحكم فيما يخرج منك ، مع العلم أنك في النهاية ستنصرف مذموما مدحورا ذليلا تجر أذال الخيبة فلا حاجة لك قضيت ولا كرامة صنت .
أما أنا والحمد لله أقف أمام ملك الملوك ورب كل الأرباب ، متى أشاء آناء الليل وإدبار النجوم ، وأطراف النهار ، قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، بالعشي والإبكار ، بكرة وأصيلا ، وفي أي مكان وفي أي زمان أشاء بموعد أو بدونه بشروط أو بدونها ، أسأله ما أشاء وبالأسلوب والكيفية التي أشاء ، والوضع الذي أشاء : جاثيا على ركبتي أو قائما أو قاعدا أو على جنبي أو مستلق على ظهري ... دون أن أكون مضطرا لاختيار لغتي ولا كلماتي ولا أتصنع أسلوبا في حديثي وخطابي لربي ، ودون حرس يقف على رأسي يحسب ويحبس أنفاسي ودون الخضوع لإجراءات وطقوس تدوس كرامتي وتذلني إذلالا، أدعوه وأنا واثق من الاستجابة لي وزيادة ، لا يمل ملك الملوك أبدا من طول الوقوف أمامه ولا يحدد لي مدة زمنية معينة للوقوف بين يديه ، حتى أمل أنا وأنصرف دون محاسبتي على انصرافي ، بعد كل وقفة بين يدي ربي ينتابني شعور بسعادة وفرحة أحسها وأعيشها ولا أستطيع وصفها كما ينتابني اعتزاز وفخر وشرف أعجز عن ذكره ووصفه ، لا يساويه فخر ولا شرف الوقوف أمام ملوك وسلاطين الدنيا مذ أن أوجدها الله إلى أن يفنيها . فلا تفكر في طلب الوقوف أمام الملوك ولا تطلب ذلك ، فخير لك أن تقف أمام ملك الملوك فهو أسهل وأنفع وأجدى لك وأحفظ لكرامتك وإنسانيتك .
وسوم: العدد 730