رائحة فمه تنفِّرني

د. محمد رشيد العويّد

كانت تحدثني عمّا تشتكيه في زوجها الذي كان يجلس في صالة مركز الاستشارات ينتظر أن يدخل بدوره ليحدّثني عمّا يشتكيه في زوجته.

وجدتها تريد أن تذكر شيئاً مما تشتكيه في زوجها لكن ترددها منعها من ذلك فقالت: (لا داعي لذلك).

قلت لها: لابد أن تذكري كل شيء فقد يكون ما أخفيته أكثر أسباب نفوركِ منه.

قالت: لكني أرجو ألّا تخبره أني اشتكيت هذا فيه، وحاول أن تعالجه بطريقتك.

قلت: أبشري واطمئني.

قالت: رائحة فمه تنفِّرني منه، وأستحي من إخباره بذلك!!

قلت: جميل منكِ هذا الحياء، لكنكِ كنتِ تستطيعين مفاتحته فيه بلطف، على أي حال سأتولى ذلك فلا تقلقي.

وبعد، أريد أن أذكر الأمور التالية التي نستفيدها مما سبق:

- تكررت هذه الشكوى كثيراً، من أزواج وزوجات، وأعني بها النفور بسبب رائحة الفم أو الجسد، أو التصرفات التي تُثير نفور أحد الزوجين ويجد الحرج في البوح بها لصاحبه.

- من هذه التصرفات أيضاً عطاس أو سعال أحد الزوجين في وجه الآخر دون أن يضع منديلاً يمنع تطاير رذاذ سعاله أو عطاسه إلى الآخر، أو التفاتِهِ عنه بوجهه على الأقل.

ومنها أيضاً إبقاؤه آثار استنثاره أو بلغمه على حوض المغسلة دون إزالته وشطفه بالماء.

- يحسن بالزوجين أن يبوحا بما يضايق كل منهما من صاحبه، في جلسةِ شفافيةٍ يتفقان عليها، بعيداً عن الآخرين، ويُذكِّر أحدهما الآخر بأنه لن يتضايق من بوح صاحبه له بما ينفِّره أو يضايقه أو يزعجه أو يُغضبه من تصرفات أو كلمات أو حركات، ويَعِد كل منهما الآخر أن يبذل جهده ليتوقف عنها.

وقد يستصعب الزوجان ذلك البوح، لكنه خير من استمرار النفور وتزايده مع تكراره على مدى الأيام.

- لايغيب عنا أن الإسلام يوجِّهنا إلى ذلك من خلال آدابه الكثيرة، وخاصة فيما يُطلق عليه خصال الفطرة، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي (ﷺ) قال: (عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء). صحيح مسلم.

ومعنى (انتقاص الماء): الاستنجاء. أما (غسل البراجم) فهو تنظيف المواضع التي يجتمع فيها الوسخ.

فلنحرص جميعاً، أيها الإخوة والأخوات، على كل ما يحقق نظافتنا، ولنبتعد عن كل ما يثير نفور غيرنا منّا.

وسوم: العدد 735