علماء تعلو بهم الهمم
رجال الدين وشيوخ الدين ما أكثرهم ، لكن القليل منهم مايصل لقلوب وعقول الناس ، وهناك من يفوق تأثيرهم أكثر من ذلك ، لدرجة تعمل لهم حكومات ودول ألف حساب
العلماء منهم ربانيون هم كالعافية للبدن والشمس للحياة ، ومنهم تافهون سخفاء عملهم مسح الجوخ للسادة ، هم القواعد على موائد الأغنياء ، وهم يعلمون أن الابتسامة في وجه الظالمين معصية.
والناس معادن منهم من لا يساوي بعرة ، ومنهم كحجر الألماس نادر الوجود وغالي الثمن ، ألا يوجد في السوق قماش الخوخ وقماش البالة ؟
في العلماء عظماء كالعز بن عبد السلام بائع الأمراء ، وبعض شيوخ الأزهر كالخضر حسين ، وفي المفاتي مرتزقة وفيهم أمثال محمد حسنين مخلوف رحمه الله .
نصف أعمارهم قضوها في السجون لجرأتهم وعظمتهم وتضحيتهم.
لاتستغربوا فالله سبحانه قال : ( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة )
مريد الدنيا ينافق ويتزلف ، ويفتي بغير ماأنزل الله ليربح معاشه ، يسخط الله ليرضي العبد ، وفي الدنيا يسخط الله عليه العبد ، وفي الآخرة يأتي أسود الوجه ، منكس الرآس ، خافض البصر يقول : ( ياليتنا " اي في الدنيا" نرد ولا نكذب بآيات ربنا ) الأنعام
في اسطنبول عقد مؤتمر لعلماء المسلمين ، هم علماء قضوا حياتهم جهادا وتربية ، دخلوا السجون من أجل هذا الدين ، جلدوا ، عذبوا ، واخرجوا من ديارهم لأنهم قالوا ربنا الله .
اذكر منهم نماذج يقتدى بهم ، بل ويستسقى الغمام بوجوهم ووجودهم ، وياحسرة على العلماء .
العلامة يوسف القرضاوي الذي أثرى المكتبة الإسلامية بأكثر من مائة كتاب ، منها على سبيل المثال كتاب الحلال والحرام ، ومنها كتب العبادة ، وأعظمها كتاب فقه الزكاة مجلدان ضخمان كانا أساسا للبنوك الإسلامية .
حياه الله أينما حل وأينما ارتحل ، يحضر مؤتمرا وقد تجاوز التسعين ، لكن علو الهمة من الإيمان.
والثاني جاء على العربة من بلاد بعيدة ، وقد أثرى المكتبة الإسلامية بكتبه ، اختصر التفاسير الضخمة للطبري وابن كثير وقدمها للناس زادا ايمانيا ميسرا ، وكان حفظه الله يوزع كتبه مجانا لا يبغي إلا نشر هذا الدين وخدمته ، رآيته مرة في الحرم المكي وخلفه الآلاف يستفوتنه وهو الأزهري ، لو غاب عن المؤتمر فمعذور لأن الله سبحانه قال ليس على المريض حرج ، ولكن أبت همته إلا أن يحضر موتمر علماء المسلمين ولو على العربية ، اليس المولى قال ( الم نجعل له عينين ، ولسانا وشفتين وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة ) وقد اقتحم الشيخ محمد علي الصابوني العقبة ، فجاء من اقصى الارض محمولا من طائرة إلى سيارة إلى عربة ليحضر مؤتمرا لعلماء المسلمين
زرته مرة ومعي هدية صغيرة ( سطل لبن ) سألني عن احوالي ؟ قلت سأسافر إلى مكة المكرمة ، قال بعفوية خذ هذه مفاتيح شقتي اسكن فيها ، وهي تبعد عن الحرم ٢٠٠ متر ، قلت معي رفاق ثلاثة ، قال وليكن ، اعطاني مفاتيح شقته دون مشورة العيال ، وياحسرة على العباد البعض يريد تطبيق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن الاذن لم يصدر بعد من أم العيال فخدوده ملساء ، وهو يعلم أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
اخيرا نتحدث عن أحد حضور الموتمر :
انه نائب دمشق ، زينة البرلمان يوم كان عندنا برلمان ، وهو الذي زرع في الدستور
( الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع )
لكن هذا لم يعجب المندوب الروسي لافروف ، بل حتى القسم قال فض الله فاه : القسم لا يكون بالله بل بالوطن.
عصام العطار رجل حنت ظهره السنون ، وصارت يده ترتجف ، اغتيلت زوجته بنان رحمها الله ، تجاوز التسعين قطع الاف الكيلو مترات ليحضر مؤتمرا في اسطنبول ، ليهتف في اجوائه بكلمة الله اكبر ، حياك الله عصام اينما حللت ، وبوركت جهودك وفقك الله ، والله متم نوره ولو كره الكافرون .
فاذا كان العلماء كالملح للبلد فهولاء الثلاثة كباب الاوطان
والله اكبر والعزة لله ولرسوله وللمومنين .
وسوم: العدد 738